معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣١١
و قوله :(إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ) ذكروا أن موسى الذي قال له ذلك لأنه من قومه وإن كان على غير دينه. وجمعه هاهنا وهو واحد كقول اللّه (الَّذِينَ «١» قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) وإنما كان رجلا من أشجع وقوله (الْفَرِحِينَ) ولو قيل : الفارحين كان صوابا، كأنّ الفارحين : الذين يفرحون فيما يستقبلون، والفرحين الذين هم فيه السّاعة، مثل الطامع والطمع، والمائت والميّت، والسّالس والسّلس. أنشدنى بعض بنى دبير، وهم فصحاء بنى أسد :
ممكورة غرثى الوشاح السّالس تضحك عن ذى أشر عضارس «٢»
العضارس البارد وهو مأخوذ من العضرس وهو البرد. يقال : سالس وسلس.
وقوله : إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [٧٨] : على فضل عندى، أي كنت أهله ومستحقّا له، إذ أعطيته لفضل علمى. ويقال :(أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) ثم قال (عِنْدِي) أي كذاك أرى كما قال (إِنَّما أُوتِيتُهُ «٣» عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ).
وقوله :(وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) يقول : لا يسأل المجرم عن ذنبه. الهاء والميم للمجرمين. يقول : يعرفون بسيماهم. وهو كقوله :(فَيَوْمَئِذٍ «٤» لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) ثم بيّن فقال :(يُعْرَفُ «٥» الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ)
و قوله : وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ [٨٠] يقول : ولا يلقّى أن يقول ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحا إلّا الصابرون. ولو كانت : ولا يلقّاه لكان صوابا لأنه كلام والكلام يذهب به إلى التأنيث والتذكير. وفى قراءة عبد اللّه (بل هى آيات بيّنات) وفى قراءتنا (بل هو «٦» آيات) فمن قال
(٢) الممكورة : الحسنة الساقين. وغرثى الوشاح :«خميصة البطن دقيقة الخصر». والسالس : اللين. والأشر :
تحزيز الأسنان. ويريد بذي أشر ثغرها.
(٣) الآية ٤٩ سورة الزمر.
(٤) الآية ٣٩ سورة الرحمن.
(٥) الآية ٤١ سورة الرحمن.
(٦) الآية ٤٩ سورة العنكبوت.