معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٢٩
قال حدثنا الفراء قال حدّثنى شريك بن عبد اللّه عن خصيف الجزرىّ عن عكرمة عن ابن عبّاس أنه قرأ (نِعَمَهُ) واحدة «١». قال ابن عباس : ولو كانت (نعمه) «٢» لكانت نعمة دون نعمة أو قال نعمة فوق نعمة، الشكّ من الفراء. وقد قرأ قوم (نعمه) على الجمع. وهو وجه جيّد لأنه قد قال (شاكِراً «٣» لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ) فهذا جمع النعم وهو دليل على أنّ (نعمه) جائز.
وقوله : وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ [٢٢] قرأها القرّاء بالتخفيف، إلا أبا عبد الرحمن فإنه قرأها «٤» (وَ مَنْ يُسْلِمْ) وهو كقولك للرجل أسلم أمرك إلى اللّه وسلّم.
وقوله : وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ [٢٧] ترفع «٥» (الْبَحْرُ) ولو نصبته كان صوابا كما قرأت القراء (وَ إِذا قِيلَ «٦» إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها) و(الساعة) وفى قراءة عبد اللّه (وبحر يمدّه سبعة أبحر) يقول : يكون مدادا كالمداد المكتوب به.
وقول عبد اللّه يقوّى الرفع. والشيء إذا مدّ الشيء فزاد فكان زيادة فيه فهو يمدّه تقول دجلة تمدّ بئارنا وأنهارنا، واللّه يمدّنا بها. وتقول : قد أمددتك بألف فمدّوك، يقاس على هذا كلّ ما ورد.
وقوله : ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ [٢٨] إلا كبعث نفس واحدة. أضمر البعث لأنه فعل كما قال (تَدُورُ «٧» أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ (مِنَ الْمَوْتِ) المعنى - واللّه أعلم - :
كدوران عين الذي يغشى عليه/ ١٤٥ ب من الموت، فأضمر الدوران والعين جميعا.
وقوله : بِنِعْمَتِ اللَّهِ [٣١] وقد قرئت (بنعمات اللّه) وقلّما تفعل العرب ذلك بفعلة : أن تجمع على التاء إنّما يجمعونها على فعل مثل سدرة وسدر، وخرقة وخرق. وإنّما كرهوا جمعه بالتاء لأنهم يلزمون
(٢) هذه قراءة غير نافع وأبى عمرو وحفص وأبى جعفر.
(٣) الآية ١٢١ سورة النحل.
(٤) وكذا قرأها الأعمش. [.....]
(٥) النصب لأبى عمرو ويعقوب وافقهما اليزيدي. والرفع للباقين.
(٦) الآية ٣٢ سورة الجاثية. والنصب قراءة حمزة، وافقه الأعمش. وقرأ الباقون بالرفع.
(٧) الآية ١٩ سورة الأحزاب.