معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٤٣
الثياب تبلغ «١»
المال لا توارى جسدها، فأمرن ألّا يفعلن مثل ذلك.
قوله : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ [٣٥] ويقول القائل : كيف ذكر المسلمين والمسلمات والمعنى بأحدهما كاف؟
و ذلك أنّ امرأة قالت : يا رسول اللّه : ما الخير إلّا للرجال. هم الذين يؤمرون وينهون. وذكرت غير ذلك من الحجّ والجهاد. فذكرهن اللّه لذلك.
وقوله : وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [٣٦] نزلت فى زينب بنت جحش الأسدية. أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يزوّجها زيد بن حارثة، فذكر لها ذلك، فقالت : لا لعمر اللّه، أنا بنت عمّتك وأيّم نساء قريش. فتلا عليها هذه الآية، فرضيت وسلّمت، وتزوّجها زيد. ثم إن النبي عليه السلام أتى منزل زيد لحاجة، فرأى زينب وهى فى درع وخمار، فقال : سبحان مقلّب القلوب. فلمّا أتى زيد أهله أخبرته زينب الخبر، فأتى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يشكوها إليه. فقال : يا رسول اللّه إنّ فى زينب كبرا، وإنها تؤذيني بلسانها فلا حاجة لى فيها. فقال له النبي صلّى اللّه عليه وسلم : اتّق اللّه وأمسك عليك زوجك. فأبى، فطلّقها، وتزوّجها النبي عليه السلام بعد ذلك، وكان الوجهان جميعا : تزوجها زيد والنبي عليه السلام من بعد، لأن الناس كانوا يقولون : زيد بن محمد وإنما كان يتيما فى حجره. فأراهم اللّه أنه ليس له بأب، لأنه قد كان حرّم أن ينكح الرجل امرأة أبيه، أو أن ينكح الرجل امرأة ابنه إذا دخل بها.
وقوله : وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ [٣٧] من تزويجها (مَا اللَّهُ) مظهره. (وَ تَخْشَى النَّاسَ) يقول :
تستحى من الناس (وَ اللَّهُ أَحَقُّ) أن تستحى منه.
ثم قال :(لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ).