معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٤٤
و قوله : ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ [٣٨] من هذا ومن تسع النسوة، ولم تحلّ لغيره وقوله :(سُنَّةَ اللَّهِ) يقول : هذه سنّة قد مضت أيضا لغيرك. كان لداوود وسليمان من النساء ما قد ذكرناه، فضّلا به، كذلك أنت.
ثم قال : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ [٣٩] فضّلناهم بذلك، يعنى الأنبياء. و(الذين) فى موضع خفض إن رددته على قوله :(سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) وإن شئت رفعت على الاستئناف. ونصب «١»
السنّة على القطع، كقولك : فعل ذلك سنة. ومثله كثير فى القرآن. وفى قراءة عبد اللّه :(الذين بلّغوا رسالات اللّه ويخشونه) هذا مثل قوله :(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا «٢»
وَ يَصُدُّونَ) يردّ يفعل على فعل، وفعل على يفعل. وكلّ صواب.
وقوله : ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [٤٠] دليل على أمر تزوّج زينب (وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ) معناه : ولكن كان رسول اللّه. ولو رفعت على : ولكن هو رسول اللّه كان صوابا وقد قرئ به «٣»
. والوجه النصب.
وقوله :(وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ) كسرها الأعمش وأهل الحجاز، ونصبها - يعنى التاء - عاصم والحسن وهى فى قراءة عبد اللّه :(ولكن نبيّا ختم النبيّين) فهذه حجّة لمن قال (خاتم) بالكسر، ومن قال (خاتم) أراد هو آخر النبيّين، كما قرأ علقمة فيما ذكر «٤» عنه (خاتمه «٥» مسك) أي آخره مسك. حدثنا أبو العباس، قال : حدثنا محمد، قال : حدثنا الفراء، قال : حدثنا أبو الأحوص سلّام ابن سليم عن الأشعث بن أبى الشعثاء المحاربىّ قال : كان علقمة يقرأ (خاتمه مسك) ويقول : أمّا سمعت المرأة تقول للعطّار : اجعل لى خاتمه مسكا أي آخره.
(٢) الآية ٢٥ سورة الحج.
(٣) قرأ بذلك زيد بن على وابن أبى عبلة كما فى البحر ٧/ ٢٣٦.
(٤) ا :«ذكروا».
(٥) الآية ٢٦ من سورة المطففين. وهى فى قراءة الجمهور :«ختامه مسك».