معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٤٨
إتباعه «١» المحسن والنصب أن تتوهم أنك قلت : ما أنت محسنا. وأنشدنى بعض العرب :
و لست بذي نيرب فى الصديق ومنّاع خير وسبّابها
و لا من إذا كان فى جانب أضاع العشيرة واغتابها «٢»
و أنشدنى أبو القمقام :
أجدّك لست الدهر رائى رامة ولا عاقل إلّا وأنت جنيب
و لا مصعد فى المصعدين لمنعج ولا هابطا ما عشت هضب شطيب «٣»
و ينشد هذا البيت :
معاوى إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا «٤»
و ينشد (الحديدا) خفضا ونصبا. وأكثر ما سمعته بالخفض. ويكون نصب المستأنسين على فعل مضمر، كأنه قال : فادخلوا غير مستأنسين. ويكون مع الواو ضمير دخول كما تقول : قم ومطيعا لأبيك.
والمعنى فى تفسير الآية أنّ المسلمين كانوا يدخلون على النبىّ عليه السلام فى وقت الغداء، فإذا طعموا أطالوا الجلوس، وسألوا أزواجه الحوائج. فاشتدّ ذلك على النبىّ صلى اللّه عليه وسلم، حتّى
(٢) البيتان لعدى بن خزاعى كما فى اللسان (ترب). وفى ا :«فلست» والنيرب : الشر والنميمة. والهاء فى (سبابها) للعشيرة. وفى اللسان عن ابن برى أن صواب إنشاده :
و لست بذي نيرب فى الكلام ومناع قومى وسبابها
و لا من إذا كان فى معشر أضاع العشيرة واغتابها
و لكن أطاوع ساداتها ولا أعلم الناس ألقابها
(٣) رامة وعاقل ومنعج وشطيب مواضع فى بلاد العرب. و(جنيب) من معانيه الأسير.
(٤) هو لعقيبة الأسدى كما فى كتاب سيبويه ١/ ٣٤. وأورد سيبويه بعده بيتا على النصب وهو :
أديروها بنى حرب عليكم ولا ترموا بها الغرض البعيدا
و أورد الأعلم أن هناك رواية بالخفض وأن بعد البيت :
أكلتم أرضنا فجرزتموها فهل من قائم أو من حصيد