معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٦١
عندكم يا كفرة ولم يقل :(عندكم) يعنى : وليس فى القرآن (عندكم) وذلك معناه. ومثله قوله (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ «١» الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) عند نفسك إذ كنت تقوله فى دنياك. ومثله ما قال اللّه لعيسى (أَ أَنْتَ «٢» قُلْتَ لِلنَّاسِ) وهو يعلم ما يقول وما يجيبه به فردّ عليه عيسى وهو يعلم أن اللّه لا يحتاج إلى إجابته. فكما «٣» صلح أن يسأل عمّا يعلم ويلتمس من عبده ونبيّه الجواب فكذلك يشرط من فعل نفسه ما يعلم، حتى كأنه عند الجاهل لا يعلم.
وقوله : إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [٢٣] أي لا ينفع شفاعة ملك مقرّب، ولا نبىّ حتى يؤذن له فى الشفاعة.
ويقال : حتى يؤذن له فيمن يشفع، فتكون (من) للمشفوع له.
وقوله :(حَتَّى إِذا فُزِّعَ) قراءة الأعمش وعاصم بن أبى النجود وأبى عبد الرحمن السّلمىّ وأهل المدينة. وقراءة الحسن البصري (فرّغ) وقراءة مجاهد «٤» (حتّى إذا فزّغ) يجعل الفعل للّه وأما قول الحسن فمعناه حتى إذا كشف عنه الفزع عن قلوبهم وفرّغت منه. فهذا وجه. ومن قال فزّع أو فزّع فمعناه أيضا : كشف عنه الفزع (عن) تدلّ على ذلك كما تقول : قد جلّى عنك الفزع. والعرب تقول للرجل : إنه لمغلّب وهو غالب، ومغلّب وهو مغلوب : فمن قال : مغلّب للمغلوب يقول : هو أبدا مغلوب. ومن قال : مغلّب وهو غالب أراد قول الناس : هو مغلّب. والمفزّع يكون جبانا وشجاعا فمن جعله شجاعا قال : بمثله تنزل الأفزاع. ومن جعله جبانا فهو بيّن. أراد : يفزع من كلّ شىء.
وقوله :(قالُوا الْحَقَّ) فالمعنى فى ذلك أنه كان بين نبيّنا وبين عيسى صلّى اللّه عليهما وسلّم فترة، فلمّا نزل جبريل على محمد - عليهما السّلام - بالوحى ظنّ أهل السموات أنه قيام السّاعة. فقال

(١) الآية ٤٩ سورة الدخان.
(٢) الآية ١١٦ سورة المائدة.
(٣) ا :«كما».
(٤) هى قراءة ابن عامر ويعقوب.


الصفحة التالية
Icon