معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٦٧
(فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) واكتفى بإتباع الجواب بالكلمة الثانية لأنها كافية من جواب الأولى : ولو أخرج الجواب كله كان «١» : أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك، أو تذهب نفسك لأن قوله (فَلا تَذْهَبْ) نهى يدلّ على أن ما نهى عنه قد مضى فى صدر الكلمة. ومثله فى الكلام :
إذا غضبت فلا تقتل، كأنّه كان يقتل على الغضب، فنهى عن ذلك. والقراء مجتمعون على (تَذْهَبْ نَفْسُكَ) وقد ذكر بعضهم عن أبى جعفر المدنىّ (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ) وكلّ صواب.
وقوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً [١٠] فان (الْعِزَّةَ) «٢» معناه : من كان يريد علم العزّة ولمن هى فإنها للّه جميعا، أي كل وجه من العزّة فلله.
وقوله :(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) القرّاء مجتمعون على (الْكَلِمُ) إلا أبا عبد الرحمن فإنه قرأ (الكلام الطيّب) وكلّ حسن، و(الكلم) أجود، لأنها كلمة وكلم. وقوله (الكلمات) فى كثير من القرآن يدلّ على أن الكلم أجود : والعرب تقول كلمة وكلم، فأمّا الكلام فمصدر.
وقد قال الشاعر :
مالك ترغين ولا يرغو الخلف وتضجرين والمطىّ معترف «٣»
فجمع الخلفة بطرح الهاء، كما يقال : شجرة وشجر.
وقوله :(وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أي يرفع الكلم الطيّب. يقول : يتقبّل الكلام الطيّب إذا كان معه عمل صالح. ولو قيل :(والعمل الصّالح) بالنصب على معنى : يرفع اللّه العمل الصّالح، فيكون المعنى : يرفع اللّه (العمل «٤» الصالح) ويجوز على هذا المعنى الرفع، كما جاز النصب لمكان الواو فى أوّله.
(٢) يريد تفسير قوله :«فلله العزة» وفى ش :«فإن».
(٣) ترغين من الرغاء. وهو صياح الإبل. والخلف جمع خلفة وهى الناقة الحامل. والمعترف الصابر. [.....]
(٤) سقط فى ا.