معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٦٨
و قوله : وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ [١١] يقول : ما يطوّل من عمر، ولا ينقص من عمره، يريد آخر غير الأوّل، ثم كنى عنه «١» بالهاء كأنه الأوّل.
ومثله فى الكلام : عندى درهم ونصفه يعنى نصف آخر. فجاز أن يكنى عنه بالهاء لأن لفظ الثاني قد يظهر كلفظ الأوّل. فكنى عنه ككناية الأوّل.
وفيها قول آخر :(وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) يقول : إذا أتى عليه الليل والنهار نقصا من عمره، والهاء فى هذا المعنى للأوّل لا لغيره، لأن المعنى ما يطوّل ولا يذهب منه شىء إلا هو محصى فى كتاب، وكلّ حسن وكأنّ الأوّل أشبه بالصواب.
وقوله : وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا [١٢] يريد : من البحرين جميعا : من الملح والعذب.
(وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً) من الملح دون العذب.
وقوله :(وَ تَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) ومخرها : خرقها للماء إذا مرّت فيه، واحدها ماخرة.
وقوله. وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها [١٨] يقول : إن دعت داعية ذات ذنوب قد أثقلتها إلى ذنوبها ليحمل عنها شىء من الذنوب لم تجد ذلك. ولو كان الذي تدعوه أبا أو ابنا. فذلك قوله :
(وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى ) ولو كانت : ذو قربى لجاز لأنه لم يذكر فيصير نكرة. فمن رفع لم يضمر فى (كان) شيئا، فيصير مثل قوله :(وَ إِنْ كانَ «٢» ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ) ومن نصب أضمر. وهى فى قراءة أبىّ :(وإن كان ذا عسرة) على ذلك. وإنما أنّث (مُثْقَلَةٌ) يذهب إلى الدابة أو إلى النفس، وهما يعبّران عن الذكر والأنثى، كما قال :(كُلُّ نَفْسٍ «٣» ذائِقَةُ الْمَوْتِ) للذكر والأنثى.
(٢) الآية ٢٨٠ سورة البقرة.
(٣) الآية ١٨٥ سورة آل عمران.