معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٧٢
و قوله : عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [٤] يكون خيرا بعد خبر : إنك «١» لمن المرسلين، إنك «٢» على صراط مستقيم. ويكون : إنك لمن الذين أرسلوا على صراط مستقيم على الاستقامة.
وقوله : تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [٥] القراءة بالنصب، على قولك : حقّا إنك لمن المرسلين تنزيلا حقّا. وقرأ أهل الحجاز بالرفع، وعاصم والأعمش ينصبانها. ومن رفعها جعلها خبرا ثالثا : إنك «٣» لتنزيل العزيز الرحيم. ويكون رفعه على الاستئناف كقولك : ذلك تنزيل العزيز الرحيم كما قال (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا «٤» ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ) أي ذلك بلاغ.
وقوله : لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ [٦] يقال : لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم أي لم تنذرهم ولا أتاهم رسول قبلك. ويقال : لتنذرهم بما أنذر آباؤهم، ثم تلقى الباء، فيكون (ما) فى موضع نصب كما قال (أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً «٥» مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ).
وقوله : إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ [٨].
فكنى عن هى، وهى للأيمان ولم تذكر. وذلك أن الغلّ لا يكون إلّا باليمين، والعنق، جامعا لليمين، والعنق، فيكفى ذكر أحدهما من صاحبه، كما قال (فَمَنْ «٦» خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) فضمّ الورثة إلى الوصىّ ولم يذكروا لأن الصلح إنما يقع بين الوصىّ والورثة. ومثله قول الشاعر :
و ما أدرى إذا يمّمت وجها أريد الخير أيّهما يلينى
أ الخير الذي أنا أبتغيه أم الشرّ الذي لا يأتلينى
(٢) ش :«يريد إنك».
(٣) ا :«إنه» وكونه خبرا ثالثا يقضى بإثبات ما أثبت وهو فى ش. وبعد فلا يتجه هذا الإعراب لأن التنزيل من صفة القرآن لا من صفة الرسول عليه الصلاة والسلام.
(٤) الآية ٣٥ سورة الأحقاف.
(٥) الآية ١٣ سورة فصلت.
(٦) الآية ١٨٢ سورة البقرة.