معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٧٥
سل عمّ شئت، وكما : قال (فَناظِرَةٌ «١» بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) وقد أتمّها الشاعر وهى استفهام فقال :
إنا قتلنا بقتلانا سراتكم أهل اللواء ففيما يكثر القيل «٢»
و قوله : إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً [٢٩] نصبتها القراء، إلا أبا جعفر، فإنه رفعها، على ألّا يضمر فى (كانت) اسما. والنصب إذا أضمرت فيها كما تقول : اذهب فليس إلّا اللّه الواحد القهّار والواحد القهّار، على هذا التفسير، وسمعت بعض العرب يقول لرجل يصفه بالخبّ «٣» : لو لم يكن إلّا ظلّه لخابّ «٤» ظلّه. والرفع والنصب جائزان. وقد قرأت القراء (إِلَّا أَنْ تَكُونَ «٥» تِجارَةً حاضِرَةً) بالرفع والنصب. وهذا من ذاك.
وقوله (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) وفى قراءة عبد اللّه (إن كانت إلّا زقية) والزقية والزقوة لغتان. يقال زقيت وزقوت. وأنشدنى بعضهم وهو يذكر امرأة :
تلد غلاما عارما يؤذيك ولو زقوت كزقاء الدّيك
و قوله : يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ [٣٠] المعنى : يا لها حسرة على العباد. وقرأ بعضهم (يا حسرة العباد) والمعنى فى العربيّة واحد. واللّه أعلم. والعرب إذا دعت نكرة موصولة بشىء آثرت النصب، يقولون : يا رجلا كريما أقبل، ويا راكبا على البعير أقبل. فإذا أفردوا رفعوا أكثر/ ١٥٦ ب ممّا ينصبون. أنشدنى بعضهم :
يا سيّدا ما أنت من سيّد موطّأ الأعقاب رحب الذراع
قوّال معروف وفعّاله نحّار أمّات الرّباع الرّتاع «٦»
(٢) السراة الأشراف واحدها سرى.
(٣) الخب : الخبث. وخاب بتشديد الباء : خدع ومكر.
(٤) الخب : الخبث. وخاب بتشديد الباء : خدع ومكر.
(٥) الآية ٢٩ سورة النساء. والنصب لعاصم وحمزة والكسائي وخلف. والرفع لغيرهم.
(٦) من قصيدة مفضلية للسفاح بن بكير اليربوعي، يرثى فيها يحيى بن شداد اليربوعي وقوله : ما أنت من سيد تعجب من سيادته وفضله. و«موطأ الأعقاب» الرواية فى المفضليات :«موطأ البيت» والمراد هنا أن الناس يتبعونه ويطئون عقبه لأصالة رأيه. وفى الأساس :«و فلان موطأ العقب أي كثير الأتباع» وأمات الرباع : النوق التي لها رباع وهى جمع ربع كصرد لما ينتج فى الربيع. والرتاع من صفة أمات وهى التي ترعى فى الخصب. وانظر المفضلية ٢٩٢ والخزانة ٢/ ٥٣٦.