معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٨٥
و قال الشاعر «١» :
إذا ما غاية رفعت لمجد تلقّاها عرابة باليمين
أي بالقدرة والقوّة. وقد جاء فى قوله (فَراغَ «٢» عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) يقول : ضربهم بيمينه التي قالها (وَ تَاللَّهِ «٣» لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ).
وقوله : لا فِيها غَوْلٌ [٤٧] لو قلت : لا غول فيها كان رفعا ونصبا. فإذا حلت بين لا وبين الغول بلام أو بغيرها من الصفات «٤» لم يكن إلّا الرفع. والغول يقول : ليس فيها غيلة وغائلة وغول وغول.
وقوله :(وَ لا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) و(يُنْزَفُونَ) وأصحاب عبد اللّه يقرءون (ينزفون) وله معنيان.
يقال : قد أنزف الرجل إذا فنيت خمره، وأنزف إذا ذهب عقله. فهذان وجهان. ومن قال (ينزفون) يقول : لا تذهب عقولهم وهو من نزف الرجل فهو منزوف.
وقوله : هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ [٥٤] هذا رجل من أهل الجنّة، قد كان له أخ من أهل الكفر، فأحبّ أن يرى مكانة فيأذن اللّه له، فيطّلع فى النار، ويخاطبه.
فإذا رآه قال (تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) وفى قراءة عبد اللّه (إن كدت لتغوين)، ولو لا رحمة «٥» ربى (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) أي معك فى النار محضرا.
يقول اللّه (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) وهذا من قول اللّه.
وقد قرأ بعض «٦» القرّاء (قال هل أنتم مطلعون فأطلع) فكسر النون. وهو شاذّ لأنّ العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلا مجموعا أو موحّدا إلى اسم مكنّى عنه. فمن ذلك أن
رأيت عرابة الأوسى يسمو إلى الخيرات منقطع القرين
(٢) الآية ٩٣ سورة الصافات.
(٣) الآية٥٧ سورة الأنبياء.
(٤) يريد حروف الجر وما فى معناها من الظروف.
(٥) التلاوة «نعمة ربى» ولكنه ذكر تفسيرها.
(٦) هو ابن محيصن، كما فى الإتحاف.