معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٨٩
إلّا زففت : تقول للرجل : جاءنا يزفّ. ولعلّ قراءة الأعمش من قول العرب : قد أطردت الرجل أي، صيّرته طريدا، وطردته إذا أنت قلت له : اذهب عنّا فيكون (يزفّون) أي جاءوا على هذه الهيئة بمنزلة المزفوفة على هذه الحال فتدخل الألف كما تقول للرجل : هو محمود إذا أظهرت حمده، وهو محمد إذا رأيت أمره إلى الحمد ولم تنشر حمده. قال : وأنشدنى المفضّل :
تمنّى حصين أن يسود جذاعه فأمسى حصين قد أذلّ وأقهرا «١»
فقال : أقهر أي صار إلى حال القهر وإنما هو قهر. وقرأ الناس بعد (يزفّون) بفتح الياء وكسر الزاى وقد قرأ بعض القراء (يزفون) بالتخفيف كأنها من وزف يزف وزعم الكسائي أنه لا يعرفها.
وقال الفراء : لا أعرفها أيضا إلّا أن تكون لم تقع إلينا.
وقوله : هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ [١٠٠] ولم يقل : صالحا، فهذا بمنزلة قوله : ادن فأصب من الطعام، وهو كثير : يجتزأ بمن عن المضمر كما قال اللّه (وَ كانُوا فِيهِ «٢» مِنَ الزَّاهِدِينَ) ولم يقل :
زاهدين من الزاهدين.
وقوله : بِغُلامٍ حَلِيمٍ [١٠١] يريد : فى كبره «٣».
[قوله ] : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ [١٠٢] يقول : أطاق أن يعينه على عمله وسعيه. وكان إسماعيل يومئذ ابن ثلاث عشرة (فَانْظُرْ ما ذا تَرى ) وتقرأ (ترى) «٤» حدّثنا أبو العبّاس قال حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه قرأ (فَانْظُرْ ما ذا تَرى ) قال الفراء :
و حدّثنى حفص بن غياث عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الأسود أنه قرأها (ترى) وأنّ يحيى بن وثّاب قرأها (ترى) وقد رفع (ترى) إلى عبد اللّه بن مسعود قال الفراء، وحدثنى قيس عن
(٢) الآية ٢٠ سورة يوسف :
(٣) عبارة الطبري :«يعنى : بغلام ذى حلم إذا هو كبر، فأما فى طفولته فى المهد فلا يوصف بذلك.
(٤) هى قراءة حمزة والكسائي وخلف