معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٩٧
لقوله (وَ الْقُرْآنِ) كما تقول : نزل واللّه. وقد زعم قوم أنّ جواب (وَ الْقُرْآنِ) (إِنَّ ذلِكَ «١» لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) وذلك كلام قد تأخّر تأخّرا كثيرا عن قوله (والقرآن) وجرت بينهما قصص مختلفة، فلا نجد ذلك مستقيما فى العربيّة واللّه أعلم.
ويقال : إن قوله (وَ الْقُرْآنِ) يمين اعترض كلام دون موقع جوابها، فصار جوابها جوابا للمعترض ولها، فكأنه أراد : والقرآن ذى الذكر لكم أهلكنا، فلمّا اعترض قوله : بل الذين كفروا فى عزّة وشقاق : صارت (كم) جوابا للعزّة ولليمين. ومثله قوله (وَ الشَّمْسِ «٢» وَضُحاها) اعترض دون الجواب قوله (وَ نَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها) فصارت (قَدْ أَفْلَحَ) تابعة لقوله (فَأَلْهَمَها) وكفى من جواب القسم، وكأنه كان : والشمس وضحاها لقد أفلح.
وقوله : فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ [٣] يقول : ليس بحين فرار. والنوص : التأخّر فى كلام العرب، والبوص : التقدم وقد بصته.
وقال امرؤ القيس :
أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص وتقصر عنها خطوة وتبوص
فمناص مفعل مثل مقام. ومن العرب من يضيف لات فيخفض. أنشدونى :
... لات ساعة مندم «٣»
و لا أحفظ صدره. والكلام أن ينصب بها لأنها فى معنى ليس. أنشدنى المفضّل :
تذكّر حبّ ليلى لات حينا وأضحى الشيب قد قطع القرينا

(١) فى الآية ٦٤.
(٢) صدر سورة الشمس.
(٣) روى ابن السكيت فى كتاب الأضداد بيتا هو :
و لتعرفن خلائقا مشمولة ولتندمن ولات ساعة مندم
و يحتمل أن يكون ما يعنيه الفراء. وانظر الخزانة ٢/ ١٤٧.


الصفحة التالية
Icon