معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤٠٣
و قوله (وَ لا تُشْطِطْ) يقول : ولا تجر : وقد يقول بعض العرب : شططت علىّ فى السّوم، وأكثر الكلام أشططت. فلو قرأ قارئ (ولا تشطط) كأنه يذهب به إلى معنى التباعد و(تشطط) أيضا. العرب تقول : شطّت الدار فهى تشطّ وتشطّ.
وقوله (وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) إلى قصد الصراط. وهذا ممّا تدخل فيه (إلى) وتخرج منه.
قال اللّه (اهْدِنَا»
الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) وقال (وَ هَدَيْناهُ «٢» النَّجْدَيْنِ) وقال (إِنَّا هَدَيْناهُ «٣» السَّبِيلَ) ولم يقل (إلى) فحذفت إلى من كل هذا. ثم قال فى موضع آخر (أَ فَمَنْ «٤» يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) وقال (يهدى إلى الحقّ «٥» وإلى طريق مستقيم) ويقال هديتك للحق وإليه قال اللّه (الَّذِي «٦» هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ) وكأن قوله (اهْدِنَا الصِّراطَ) أعلمنا الصراط، وكأن قوله (اهدنا إلى الصّراط) أرشدنا إليه واللّه أعلم بذلك.
وقوله : إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً [٢٣] وفى قراءة عبد اللّه (كان له) وربّما أدخلت العرب (كان) على الخبر الدائم الذي لا ينقطع. ومنه قول اللّه فى غير موضع (وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فهذا دائم. والمعنى البيّن أن تدخل (كان) على كل خبر قد كان ثم انقطع كما تقول للرجل : قد كنت موسرا، فمعنى هذا : فأنت الآن معدم.
وفى قراءة عبد اللّه (نعجة أنثى) والعرب تؤكّد التأنيث بأنثاه، والتذكير بمثل ذلك، فيكون كالفضل «٧» فى الكلام فهذا من ذلك. ومنه قولك للرجل : هذا واللّه رجل ذكر. وإنما يدخل هذا

(١) الآية ٦ سورة الفاتحة
(٢) الآية ١٠ سورة البلد.
(٣) الآية ٣ سورة الإنسان. [.....]
(٤) الآية ٣٥ سورة يونس.
(٥) الآية ٣٠ سورة الأحقاف.
(٦) الآية ٤٣ سورة الأعراف.
(٧) أي كالزيادة.


الصفحة التالية
Icon