معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤١٩
و قوله : فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ [٢٩] مختلفون. هذا مثل ضربه اللّه للكافر والمؤمن. فجعل الذي فيه شركاء الذي يعبد الآلهة المختلفة.
وقوله (رجلا سالما لرجل) هو المؤمن الموحّد. وقد قرأ العوامّ (سَلَماً) وسلم وسالم متقاربان فى المعنى، وكأنّ (سَلَماً) مصدر لقولك : سلم له سلما والعرب تقول : ربح ربحا وربحا، وسلم سلما وسلما وسلامة. فسالم من صفة الرّجل، وسلم مصدر لذلك. واللّه أعلم.
حدّثنا أبو العبّاس قال : حدّثنا محمد، قال : حدثنا الفراء قال : حدّثنى أبو إسحاق التيمىّ - وليس بصاحب هشيم - عن أبى روق عن ابراهيم التيمىّ عن ابن عباس أنه قرأ (ورجلا سالما) قال الفرّاء :
و حدثنى ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد أنه قرأ (سالما).
وقوله : هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا [٢٩] ولم يقل مثلين، لأنهما جميعا ضربا مثلا واحدا، فجرى المثل فيهما بالتوحيد. ومثله (وَ جَعَلْنَا «١» ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) ولم يقل : آيتين لأن شأنهما واحد. ولو قيل مثلين أو آيتين كان صوابا لأنهما اثنان فى اللفظ.
وقوله : وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [٣٣] (الذي) غير موقّت، فكأنه فى مذهب جماع فى المعنى. وفى قراءة عبد اللّه (والذين جاءوا بالصّدق وصدّقوا به) فهذا دليل أنّ (الذي) فى تأويل جمع.
وقوله : أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عباده [٣٦] قرأها يحيى «٢» بن وثّاب وأبو جعفر المدني (أ ليس اللّه بكاف عباده) على الجمع. وقرأها الناس (عَبْدَهُ) وذلك أن قريشا قالت للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم :
أ ما تخاف أن تخبلك آلهتنا لعيبك إيّاها! فأنزل اللّه (أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) محمّدا صلى اللّه عليه وسلم، فكيف يخوّفونك بمن دونه. والذين قالوا (عباده) قالوا :

(١) الآية ٥٠ سورة المؤمنين. [.....]
(٢) وهى أيضا قراءة حمزة والكسائي وخلف.


الصفحة التالية
Icon