معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤٤
و لو حملت الباء على (ما) إذا وليها الفعل تتوهّم فيها ما توهّمت فى (لا) لكان وجها، أنشدتنى امرأة من غنىّ :
أما واللّه أن لو كنت حرّا وما بالحرّ أنت ولا العتيق «١»
فأدخلت الباء فيما يلى (ما) فإن ألقيتها رفعت ولم يقو النصب لقلّة هذا. قال : وحدّثنا الفرّاء قال : وحدّثنى دعامة بن رجاء التّيمىّ - وكان غرّا - عن أبى الحويرث الحنفىّ أنه قال :(ما هذا بشرى) أي ما هذا بمشترى.
وقوله : رَبِّ السِّجْنُ
[٣٣] السّجن : المحبس. وهو كالفعل. وكل موضع مشتقّ من فعل فهو يقوم مقام الفعل كما قالت العرب : طلعت الشمس مطلعا وغربت الشمس مغربا، فجعلوهما خلفا من المصدر وهما اسمان، كذلك السّجن. ولو فتحت السين لكان مصدرا بينا. وقد قرىء :
(ربّ السّجن).
وقوله : فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ [٣٤] ولم تكن منه مسألة إنما قال :(إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) فجعله اللّه دعاء لأن فيه معنى الدعاء، فلذلك قال :(فاستجاب له) ومثله فى الكلام أن تقول لعبدك : إلّا تطع تعاقب، فيقول : إذا أطيعك كأنك قلت له :
أطع فأجابك.
وقوله : ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ [٣٥] آيات البراءة قدّ القميص من دبر (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) فهذه اللام فى اليمين وفى كل ما ضارع القول. وقد ذكرناه. ألا ترى قوله :
(وَ ظَنُّوا «٢» ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (وَ لَقَدْ «٣» عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) دخلت هذه اللام و(ما) مع الظنّ (والعلم) لأنهما فى معنى القول واليمين.
(٢) الآية ٤٨ سورة فصلت.
(٣) الآية ١٠٢ سورة البقرة.