معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤٥
و قوله : إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [٣٦] يقول : من العالمين قد أحسنت العلم. حدّثنا الفراء قال :
حدّثنا ابن «١» الغسيل الأنصارىّ عن عكرمة قال : الحين حينان : حين لا يدرك وهو قوله عزّ وجلّ :
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (قال «٢» الفرّاء فهذا يقلّ ويكثر) ليست له غاية.
قال عكرمة : وحين يدرك وهو قوله :(تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) يعنى ستّة أشهر.
وقوله :(إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) [٣٧] يقول : بسببه وألوانه. وقوله :(وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) العرب لا تجمع اسمين قد كنى عنهما ليس بينهما شىء إلّا أن ينووا التكرير وإفهام المكلّم فإذا أرادوا ذلك قالوا : أنت أنت فعلت، وهو هو أخذها. ولا يجوز أن نجعل الآخرة توكيدا للأولى، لأن لفظهما واحد. ولكنهم إذا وصلوا الأوّل بناصب أو خافض أو رافع أدخلوا له اسمه فكان توكيدا. أمّا المنصوب فقولك : ضربتك أنت، والمخفوض : مررت بك أنت، والمرفوع :
قمت أنت. وإنما فعلوا ذلك لأن الأوّل قلّ واختلف لفظه، فأدخلوا اسمه المبتدأ. فإذا قالوا : أنت فينا أنت راغب ففرقوا بينهما بصفة «٣» قالوا ذلك، وكأنه فى مذهبه بمنزلة قوله :(كُتِبَ «٤» عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) كأنّ الأوّل ملغى والاتّكاء والخبر عن الثاني. وكذلك قوله :
(أَ يَعِدُكُمْ «٥» أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ) ثم قال :(أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) وهما جميعا فى معنى واحد، إلا أن ذلك جاز حين فرق بينهما بإذا. ومثله :(وَ هُمْ «٦» بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
وقوله :(وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي) [٣٨] تهمز وتثبت فيها الياء. وأصحابنا يروون عن الأعمش

(١) فى الأصول :«العسيل» والظاهر ما أثبت. والغسيل حنظلة بن أبى عامر الأنصاري، وأولاده ينسبون اليه.
وانظر التاج فى غسل.
(٢) ما بين القوسين كتب فى ا بعد قوله. «ستة أشهر».
(٣) يريد الجار والمجرور :(فينا).
(٤) الآية ٤ سورة الحج.
(٥) الآية ٣٥ سورة المؤمنين.
(٦) الآية ٤ سورة لقمان. [.....]


الصفحة التالية
Icon