معاني القرآن، ج ٢، ص : ٥١
و قال الآخر :
حتّي إذا قملت بطونكم ورأيتم أبناءكم شبّوا
و قلبتم ظهر المجنّ لنا إنّ اللئيم العاجز الخبّ «١»
قملت : سمنت وكبرت.
قوله : قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ [٧٢].
وقوله : الصّواع ذكر. وهو الإناء الذي كان الملك يشرب فيه. والصاع يؤنّث ويذكّر. فمن أنّثه قال : ثلاث أصوع مثل ثلاث أدؤر. ومن ذكّره قال : ثلاثة أصواع مثل أبواب. وقوله (وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ) يقول : كفيل. وزعيم القوم سيّدهم.
وقوله : تَاللَّهِ [٧٣] العرب لا تقول تالرحمن ولا يجعلون مكان الواو تاء إلّا فى اللّه عزّ وجلّ.
وذلك أنها أكثر الأيمان مجرى فى الكلام فتوهّموا أنّ الواو منها لكثرتها فى الكلام، وأبدلوها تاء كما قالوا : التّراث، وهو من ورث، وكما قال :(رُسُلَنا «٢» تَتْرا) وهى من المواترة، وكما قالوا :
التّخمة وهى من الوخامة، والتّجاه وهى من واجهك. وقوله (لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ) يقول القائل : وكيف علموا أنهم لم يأتوا للفساد ولا للسرقة؟ فذكر أنهم كانوا فى طريقهم لا ينزلون بأحد ظلما، ولا ينزلون فى بساتين الناس فيفسدوها فذلك قوله (ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) يقول : لو كنّا سارقين ما رددنا عليكم البضاعة التي وجدناها فى رحالنا.
وقوله : قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ [٧٥] (من) فى معنى جزاء وموضعها رفع بالهاء التي عادت. وجواب الجزاء الفاء فى قوله :(فَهُوَ جَزاؤُهُ) ويكون قوله (جَزاؤُهُ) الثانية

(١) المجن : الترس، ويقال : قلب له ظهر المجن إذا كان ووادا له ثم تغير عن مودته. والخب : الخداع. وانظر الخزانة ٤/ ٤١٤.
(٢) الآية ٤٤ سورة المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon