معاني القرآن، ج ٢، ص : ٥٢
مرتفعة بالمعنى المحمّل فى الجزاء وجوابه. ومثله فى الكلام أن تقول : ما ذا لى عندك؟ فيقول : لك عندى إن بشّرتنى فلك ألف درهم، كأنه قال : لك عندى هذا. وإن شئت جعلت (من) فى مذهب (الذي) وتدخل الفاء فى خبر (من) إذا كانت على معنى (الذي) كما تقول : الذي يقوم فإنّا نقوم معه. وإن شئت جعلت الجزاء مرفوعا بمن خاصّة وصلتها، كأنك قلت : جزاؤه الموجود فى رحله. كأنك قلت : ثوابه أن يسترقّ، ثم تستأنف أيضا فتقول : هو جزاؤه. وكانت سنّتهم أن يسترقّوا من سرق.
ثم قال : ثُمَّ اسْتَخْرَجَها [٧٦] ذهب إلى تأنيث السّرقة. وإن يكن الصّواع فى معنى الصّاع فلعلّ هذا التأنيث من ذلك. وإن شئت جعلته لتأنيث السّقاية.
وقوله (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) (من) فى موضع نصب، أي نرفع من نشاء درجات.
يقول : نفضّل من نشاء بالدرجات. ومن «١» قال (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) فيكون (من) فى موضع خفض.
وقوله (وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) يقول : ليس من عالم إلّا وفوقه أعلم منه.
وقوله :(فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ) [٧٧] أسرّ الكلمة. ولو قال :(فأسرّه) ذهب إلى تذكير الكلام كان صوابا كقوله (تِلْكَ «٢» مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) و(ذلِكَ «٣» مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) (وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ) : أضمرها فى نفسه ولم يظهرها.
وقوله : مَعاذَ اللَّهِ [٧٩] نصب لأنه مصدر، وكل مصدر تكلّمت العرب فى معناه بفعل أو يفعل فالنصب فيه جائز. ومن ذلك الحمد للّه لأنك قد تقول فى موضعه يحمد اللّه. وكذلك أعوذ باللّه تصلح فى معنى معاذ اللّه.

(١) هم غير عاصم وحمزة والكسائي وخلف.
(٢) الآية ٤٩ سورة هود.
(٣) الآية ٤٤ سورة آل عمران


الصفحة التالية
Icon