معاني القرآن، ج ٢، ص : ٥٣
و قوله : خَلَصُوا نَجِيًّا [٨٠] و[نجوى ] قال اللّه عزّ وجلّ (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) وقوله :(قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْأَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ)
(ما) التي مع (فرّطتم) فى موضع رفع كأنه قال : ومن قبل هذا تفريطكم فى يوسف.
فإن «١» شئت جعلتها نصبا، أي ألم تعلموا هذا وتعلموا من قبل تفريطكم فى يوسف. وإن شئت جعلت (ما) صلة كأنه قال «٢» : ومن قبل فرّطتم فى يوسف.
وقوله : إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ [٨١] ويقرأ (سرّق) ولا أشتهيها لأنها شاذّة. وكأنه ذهب إلى أنه لا يستحلّ أن يسرّق ولم يسرق : وذكر أن ميمون بن مهران لقى رجاء بن حيوة بمكّة، وكان رجاء يقول : لا يصلح الكذب فى جد ولا هزل. وكان ميمون يقول : ربّ كذبة هى خير من صدق كثير. قال فقال ميمون لرجاء : من كان زميلك؟ قال : رجل من قيس. قال : فلو أنك إذ مررت بالبشر «٣» قالت لك تغلب : أنت الغاية فى الصدق فمن زميلك هذا؟ فإن كان من قيس قتلناة، فقد علمت ما قتلت قيس منّا، أكنت تقول : من قيس أم من غير قيس؟ قال : بل من غير قيس. قال : فهى كانت أفضل أم الصدق؟ قال الفراء : قد جعل اللّه عزّ وجلّ للأنبياء من المكايد ما هو أكثر من هذا. واللّه أعلم بتأويل ذلك.
وقوله : وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ يقول : لم نكن نحفظ غيب ابنك ولا ندرى ما يصنع إذا غاب عنا. ويقال : لو علمنا أن هذا يكون لم نخرجه معنا.
وقوله : أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [٨٣] الصبر الجميل مرفوع لأنه عزّى نفسه وقال : ما هو إلا الصبر، ولو أمرهم بالصبر لكان النصب أسهل، كما قال الشاعر :

(١) كذا. والأولى :«و إن».
(٢) سقط فى ا.
(٣) البشر : جبل من منازل تغلب. وبين تغلب وقيس حروب وغارات.


الصفحة التالية
Icon