معاني القرآن، ج ٢، ص : ٥٤
يشكو إلىّ جملى طول السّرى صبرا جميلا فكلانا مبتلى «١»
و قوله :(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) يقول : لا شكوى فيه إلّا إلى اللّه جلّ وعزّ.
قالو : تَاللَّهِ تَفْتَؤُا :[٨٥] معناه لا تزال تذكر يوسف و(لا) قد تضمر مع الأيمان لأنها إذا كانت خبرا لا يضمر فيها (لا) لم تكن إلا بلام ألا ترى أنك تقول : واللّه لآتينّك، ولا يجوز أن تقول : واللّه آتيك إلّا أن تكون تريد (لا) فلمّا تبيّن موضعها وقد فارقت الخبر أضمرت، قال امرؤ القيس :
فقلت يمين اللّه أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى «٢»
و أنشدنى بعضهم :
فلا وأبى دهماء زالت عزيزة على قومها ما فتّل الزّند قادح
يريد : لا زالت. وقوله :(حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً)] يقال : رجل حرض وامرأة حرض وقوم حرض، يكون موحّدا على كلّ حال : الذكر والأنثى، والجميع فيه سواء، ومن العرب من يقول للذكر : حارض، وللأنثى حارضة، فيثّنى هاهنا ويجمع لأنه قد خرج على صورة فاعل وفاعل «٣» يجمع. والحارض : الفاسد فى جسمه أو عقله. ويقال للرجل : إنه لحارض أي أحمق.
والفاسد فى عقله أيضا. وأمّا حرض فترك جمعه لأنه مصدر بمنزلة دنف وضنى «٤». والعرب تقول :
قوم دنف، وضنى وعدل، ورضا، وزور، وعود، وضيف. ولو ثنّى وجمع لكان صوابا كما قالوا : ضيف وأضياف. وقال عزّ وجلّ (أَ نُؤْمِنُ «٥» لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) وقال فى موضع آخر :
(ما أَنْتُمْ «٦» إِلَّا بَشَرٌ) والعرب إلى التثنية أسرع منهم إلى جمعه لأن الواحد قد يكون فى معنى

(١) ورد فى كتاب سيبويه ١/ ١٦٢.
(٢) من قصيدة له فى الديوان ٣٢. [.....]
(٣) ا :«الفاعل».
(٤) الضنى فى الأصل المرض المخامر كلما ظن برؤه نكس.
(٥) الآية ٤٧ سورة المؤمنين.
(٦) الآية ١٥ سورة يس.


الصفحة التالية
Icon