معاني القرآن، ج ٢، ص : ٦٣
يخير «١» له. قال ابن عباس : إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق الخلق وهو بهم عالم، فجعل الغنى لبعضهم صلاحا والفقر لبعضهم صلاحا، فذلك الخيار للفريقين.
وقوله : طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [٢٩] رفع «٢». وعليه القراءة. ولو نصب طوبى والحسن كان صوابا كما تقول العرب : الحمد للّه والحمد للّه. وطوبى وإن كانت اسما فالنصب يأخذها كما يقال فى السبّ : التراب له والتراب له. والرفع فى الأسماء الموضوعة أجود من النصب.
وقوله : وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ [٣١] لم يأت «٣» بعده جواب للو فإن «٤» شئت جعلت جوابها متقدّما : وهم يكفرون - ٨٦ ب ولو أنزلنا عليهم الذي سألوا. وإن شئت كان جوابه متروكا لأن أمره معلوم : والعرب تحذف جواب الشيء إذا كان معلوما إرادة الإيجاز، كما قال الشاعر :
و أقسم لو شىء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
و قوله :(بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) قال المفسّرون : ييأس : يعلم. وهو فى المعنى على تفسيرهم لأن اللّه قد أوقع إلى المؤمنين أنه لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعا فقال : أفلم ييأسوا علما. يقول : يؤيسهم العلم، فكان فيهم «٥» العلم مضمرا كما تقول فى الكلام : قد يئست منك ألّا تفلح علما كأنك قلت : علمته علما.

(١) يقال : خار اللّه لك فى الأمر : جعل لك الخير فيه.
(٢) أنظر كتاب سيبويه ١/ ١٦٦.
(٣) ا :«فلم».
(٤) سبق له هذا فى تفسير قوله تعالى فى سورة هود :«أ فمن كان على بينه من ربه...» [.....]
(٥) فى عبارة الطبري :«فيه» وكذا فى اللسان (يأس).


الصفحة التالية
Icon