معاني القرآن، ج ٢، ص : ٦٩
(يقتلون «١») بغير واو. فمعنى الواو أنهم يمسّهم العذاب غير التذبيح كأنه قال : يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح. ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب. وإذا كان الخبر من العذاب أو الثواب مجملا فى كلمة ثم فسرته فاجعله بغير الواو. وإذا كان أوّله غير آخره فبالواو. فمن المجمل قول اللّه عز وجل (وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ «٢» يَلْقَ أَثاماً) فالأثام فيه نيّة العذاب قليله وكثيره. ثم فسّره بغير الواو فقال (يُضاعَفْ «٣» لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ولو كان غير مجمل لم يكن ما ليس به تفسيرا له، ألا ترى أنك تقول عندى دابّتان بغل وبرذون ولا يجوز عندى دابّتان وبغل وبرذون وأنت تريد تفسير الدّابتين بالبغل والبرذون، ففى هذا كفاية عمّا نترك من ذلك فقس عليه.
وقوله (وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) يقول : فيما كان يصنع بكم فرعون من أصناف العذاب بلاء عظيم من البليّة. ويقال : فى ذلكم نعم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها. والبلاء قد يكون نعما، وعذابا. ألا ترى أنك تقول : إن فلانا لحسن البلاء عندك تريد الإنعام عليك.
وقوله : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ [٧] معناه : أعلم ربّكم وربما قالت العرب فى معنى أفعلت تفعّلت فهذا من ذلك واللّه أعلم. ومثله : أوعدنى وتوعّدنى وهو كثير.
وقوله فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ [٩] جاء فيها أقاويل. حدثنا محمّد قال حدّثنا الفراء قال :
حدّثنى حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس قال : كانوا إذا جاءهم الرسول قالوا له :
اسكت وأشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم كما تسكّت أنت - قال : وأشار لنا الفراء بأصبعه السبّابة على فيه - ردّا عليهم وتكذيبا. وقال بعضهم : كانوا يكذّبونهم ويردّون القول بأيديهم إلى أفواه الرسل وأشار لنا الفراء هكذا بظهر كفه إلى من يخاطبه. قال : وأرانا ابن عبد اللّه الإشارة فى الوجهين (وأرانا «٤» الشيخ ابن العباس بالإشارة بالوجهين) وقال بعضهم : فردّوا

(١) الآية ١٤١ سورة الأعراف.
(٢) الآية ٦٨ سورة الفرقان.
(٣) الآية ٦٩ سورة الفرقان.
(٤) سقط ما بين القوسين فى ا


الصفحة التالية
Icon