معاني القرآن، ج ٢، ص : ٧
الشيء المعروف معناه وإن ترك الجواب قال الشاعر «١» :
فأقسم لو شىء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
و قال اللّه - تبارك وتعالى وهو أصدق من قول الشاعر - :(وَ لَوْ أَنَّ «٢» قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) فلم يؤت «٣» له بجواب واللّه أعلم. وقد يفسّره بعض النحويّين يعنى أن جوابه «٤» :(وهم يكفرون ولو أنّ قرآنا) والأوّل أشبه بالصواب. ومثله :(وَ لَوْ تَرى «٥» إِذِ الْمُجْرِمُونَ) (وَ لَوْ يَرَى «٦» الَّذِينَ ظَلَمُوا) وقوله فى الزمر :(أَمَّنْ «٧» هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) ولم يؤت له بجواب. وكفى «٨» قوله :(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) من ذلك. فهذا ممّا ترك جوابه، وكفي منه ما بعده، كذلك قال فى هود :(مَثَلُ «٩» الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا) ولم يقل : هل يستوون. وذلك أن الأعمى والأصمّ من صفة واحد والبصير والسّميع من صفة واحد كقول القائل : مررت بالعاقل واللبيب وهو يعنى واحدا. وقال الشاعر «١٠» :
و م ا أدرى إذا يمّمت وجها أريد الخير أيّهما يلينى
أ الخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي لا يأتلينى
(٢) الآية ٣١ سورة الرعد.
(٣) أي أن الجواب محذوف. وهو (لكان هذا القرآن).
(٤) هذا على أن جواب الشرط قد يتقدم وهو مذهب كوفى. وعند غيرهم أنه دليل الجواب.
(٥) الآية ١٢ سورة السجدة. والجواب محذوف تقديره : لرأيت أمرا فظيعا.
(٦) الآية ٩٣ سورة الأنعام والجواب محذوف تقديره : لرأيت أمرا عظيما.
(٧) الآية ٩ سورة الزمر.
(٨) فالجواب تقديره : كالعاصى. والمراد نفى استوائهما كما نفى استواء الذين يعلمون والذين لا يعلمون.
(٩) فى الآية ٢٤ [.....]
(١٠) انظر ص ٢٣١ من الجزء الأول من هذا الكتاب.