معاني القرآن، ج ٢، ص : ٧١
فقلت له لا تبك عينك إما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
فنصب آخره ورفع (نحاول) على معنى إلّا أو حتى. وفى إحدى القراءتين :(تقاتلونهم «١» أو يسلموا) والمعنى - واللّه أعلم - تقاتلونهم حتى يسلموا. وقال الشاعر «٢» :
لا أستطيع نزوعا عن مودّتها أو يصنع الحبّ بي غير الذي صنعا
و أنت قائل فى الكلام : لست لأبى إن لم أقتلك أو تسبقنى فى الأرض فتنصب (تسبقنى) وتجزمها. كأنّ الجزم فى جوازه : لست لأبى إن لم يكن أحد هذين، والنصب على أنّ آخره منقطع عن أوّله كما قالوا : لا يسعنى شىء ويضيق عنك، فلم يصلح أن تردّ (لا) على (ويضيق) فعلم أنها منقطعة من معناها. كذلك قول العرب : لو تركت والأسد لأكلك لمّا جاءت الواو تردّ اسما على اسم قبله، وقبح أن تردّ الفعل الذي رفع الأوّل على الثاني نصب ألا ترى أنك لا تقول لو تركت وترك الأسد لأكلك. فمن هاهنا أتاه النصب. وجاز الرفع لأن الواو حرف نسق معروف فجاز فيه الوجهان للعلّتين.
وقوله : ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي [١٤] معناه : ذلك لمن خاف مقامه بين يدىّ ومثله قوله :
(وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ «٣») معناه : رزقى إيّاكم أنكم تكذّبون والعرب تضيف أفعالها إلى أنفسها وإلى ما أوقعت عليه، فيقولون : قد ندمت على ضربى إيّاك وندمت على ضربك فهذا من ذلك واللّه أعلم.
وقوله : وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ [١٧] فهو يسيغه. والعرب قد تجعل (لا يَكادُ) فيما قد فعل وفيما لم يفعل. فأمّا ما قد فعل فهو بيّن هنا من ذلك لأن اللّه عزّ وجلّ يقول لما جعله لهم طعاما

(١) الآية ١٦ سورة الفتح. وهذه القراءة فى قراءة أبى وزيد بن على كما فى البحر ٨/ ٩٤. وهى من القراءات الشاذة.
(٢) هو الأحوص.
(٣) الآية ٨٢ سورة الواقعة.


الصفحة التالية
Icon