معاني القرآن، ج ٣، ص : ١٥٨
ومن سورة المنافقين
قوله عز وجل : وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١).
يقول القائل : قد شهدوا للنبى صلّى اللّه عليه، فقالوا :«وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ» فكيف كذّبهم اللّه؟.
يقال : إنما أكذب «١» ضميرهم لأنهم أضمروا النفاق، فكما لم يقبل إيمانهم وقد أظهروه، فكذلك جعلهم كاذبين لأنهم أضمروا غير ما أظهروا.
وقوله : وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ (٤).
من العرب من يجزم بإذا، فيقول : إذا تقم أقم، أنشدنى بعضهم :
و إذا نطاوع أمر سادتنا لا يثننا جبن ولا بخل
و قال آخر «٢» :
و استغن ما أغناك ربّك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجّمل «٣»
و أكثر الكلام فيها الرفع لأنها تكون فى مذهب الصفة، ألا ترى أنك تقول :
الرّطب [إذا اشتد الحر، تريد فى ذلك الوقت. فلما كانت فى موضع صفة كانت صلة للفعل ] «٤» الذي يكون قبلها، أو بعد الذي يليها، كذلك قال الشاعر :
و إذا تكون شديدة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب «٥»
و قوله : كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ (٤).
خفف الأعمش «٦»، وثقل إسماعيل بن جعفر المدني عن أصحابه وعاصم، فمن ثقل فكأنه جمع
(٢) فى ش الآخر.
(٣) هو العبد قيس بن خفاف (انظر المفضليات ٢/ ١٨٥) والأصمعيات ٢٦٩. وفى (ح) «فتحمل» مكان «فتجمل»
(٤) سقط فى ح، ش.
(٥) الخزانة ١/ ٢٤٣.
(٦) وهى قراءة قنبل وأبى عمرو والكسائي والبراء بن عازب، واختيار أبى عبيد (تفسير القرطبي ١٨/ ١٢٥).