معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٢٤
و أنكرتنى، وما كان الّذى نكرت من الحوادث إلّا الشيب والصّلعا «١»
و قوله عز وجل : أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦).
تكفتهم أحياء على ظهرها فى بيوتهم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتا فى بطنها، أي : تحفظهم وتحرزهم. ونصبك الأحياء والأموات بوقوع الكفات عليه، كأنك قلت : ألم نجعل الأرض كفات أحياء، وأموات، فإذا نونت نصبت - كما يقرأ من قرأ :«أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً» «٢»، وكما يقرأ :«فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ «٣»»، ومثله :«فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ «٤»» [١٢١/ ب ].
وقوله عز وجل : إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠).
يقال : إنه يخرج لسان من النار، فيحيط بهم كالسرادق ثم يتشعب منه ثلاث شعب من دخان فيظلهم، حتى يفرغ من حسابهم إلى النار.
وقوله عز وجل : كَالْقَصْرِ (٣٢) يريد : القصر من قصور مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان، قال اللّه تبارك وتعالى :«سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ «٥»»، معناه : الأدبار، وكأن القرآن نزل على ما يستحب العرب من موافقة المقاطع، ألا ترى أنه قال :«إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ «٦»»، فثقل فى (اقتربت) لأن آياتها مثقلة، قال :
«فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً «٧»». فاجتمع القراء على تثقيل الأول، وتخفيف هذا، ومثله :«الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ «٨»»، وقال :«جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً «٩»» فأجريت رءوس الآيات على هذه المجاري، وهو أكثر من أن «١٠» يضبطه الكتاب، ولكنك تكتفى بهذا منه إن شاء اللّه.
(٢) الآيتان : ١٤، ١٥ من سورة البلد.
(٣) سورة المائدة، الآية ٩٥. [.....]
(٤) سورة البقرة، الآية ١٨٤. وقد وردت الآية فيما بين أيدينا من النسخ «أو فدية» وهو خطأ.
(٥) سورة القمر، الآية : ٤٥.
(٦) سورة القمر، الآية : ٦.
(٧) سورة الطلاق : الآية : ٨.
(٨) سورة الرحمن : الآية : ٥.
(٩) سورة النبأ : الآية : ٣٦.
(١٠) فى ش : من يضبطه، سقط.