معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٣
أختنا فاستعن بهذه النفقة على ما ينوبك، فلم يقبلها، وأنزل اللّه فى ذلك : قل لهم «١» لا أسألكم على الرسالة أجرا إلا المودة فى قرابتى بكم.
وقال ابن عباس :«لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » فى قرابتى من قريش.
وقوله : وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ (٢٤).
ليس بمردود على «يختم»، فيكون مجزوما «٢»، هو مستأنف فى موضع رفع، وإن لم تكن فيه واو فى الكتاب، ومثله مما حذفت منه الواو «٣» وهو فى موضع رفع قوله :«وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ» «٤» وقوله :«سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ» «٥».
وقوله : وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥).
ذكر العباد، ثم قال :(ويعلم ما تفعلون) كأنه خاطبهم، والعوام يقرءونها بالياء «٦».
حدثنا الفراء «٧» قال : حدثنى قيس عن رجل قد سماه عن بكير بن الأخنس عن أبيه قال :
قرأت من الليل :«و يعلم ما تفعلون» فلم أدر أأقول : يفعلون أم تفعلون؟ فغدوت إلى عبد اللّه بن مسعود لأسأله عن ذلك، فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن، رجل ألمّ بامرأة فى شبيبة، ثم تفرقا وتابا، أيحل له أن يتزوجها؟
قال، فقال عبد اللّه رافعا صوته :«وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ، وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» (٢٥).
قال الفراء : وكذلك قرأها علقمة «٨» بن قيس وإبراهيم ويحيى بن وثاب «٩» وذكر عن أبى عبد الرحمن السلمى : أنه قرأ كذلك بالتاء.
(٢) فى ب، ح، ش جزما.
(٣) سقط فى ح لفظ الواو.
(٤) سورة الاسراء الآية ١١.
(٥) سورة العلق الآية ١٨. [.....]
(٦) قرأ حفص وحمزة والكسائي بالتاء، ووافقهم الحسن والأعمش، والباقون بالياء (الاتحاف ٣٨٣).
(٧) زاد فى ح، ش : حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال.
(٨) هو علقمة بن قيس بن عبد اللّه بن مالك أبو شبل النخعي الفقيه الأكبر، ولد فى حياة النبي (صلى اللّه عليه وسلم)، وأخذ القرآن عن ابن مسعود، وسمع عن على وعمر وأبى الدرداء وعائشة، وعرض عليه أبو اسحق السبيعي، ويحيى ابن وثاب، كان أشبه الناس بابن مسعود سمتا وهديا وعلما مات سنة اثنتين وستين (طبقات القراء ١/ ٥١٦).
(٩) هو يحيى بن وثاب الأسدى مولاهم الكوفي تابعي ثقة كبير من العباد والأعلام، روى عن ابن عمر وابن عباس