معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٤
و قوله : وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا [وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ] «١» (٢٦).
يكون الذين فى موضع نصب بمعنى : ويجيب اللّه الذين آمنوا، وقد جاء فى التنزيل :«فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ» «٢»، والمعنى، واللّه أعلم : فأجابهم ربهم، إلّا أنك إذا قلت : استجاب أدخلت اللام فى المفعول به، وإذا قلت : أجاب حذفت اللام، ويكون استجابهم بمعنى : استجاب لهم، كما قال :
«وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ» «٣» المعنى، واللّه أعلم : وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم، يخسرون ويكون الذين - فى موضع رفع يجعل الفعل لهم أي : الذين آمنوا يستجيبون للّه ويزيدهم اللّه على إجابتهم والتصديق من فضله.
وقوله : خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ [١٦٨/ ١] فِيهِما مِنْ دابَّةٍ (٢٩).
أراد : وما بث فى الأرض دون السماء، بذلك جاء فى التفسير ومثله مما ثنى ومعناه واحد قوله :
«يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ» «٤» وإنما يخرج من الملح دون العذاب.
وقوله : وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) ويعلم الذين مردودة على الجزم إلا أنه صرف والجزم إذا صرف عنه معطوفه نصب كقول الشاعر :
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام
و نمسك بعده بذناب عيش أجبّ الظهر ليس له سنام «٥»
و الرفع جائز فى المنصوب على الصرف «٦».
وقد قرأ بذلك قوم فرفعوا «٧» :«وَ يَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ» (٣٥) ومثله مما استؤنف فرفع
(١) زيادة فى ب، ح.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٩٥.
(٣) سورة المطففين الآية ٣.
(٤) سورة الرحمن الآية ٢٢.
(٥) الخزانة ٤/ ٩٥، والبيتان للنابغة الذبياني، وقبلهما بيت يخاطب فيه عصاما حاجب النعمان بن المنذر،
و هو : ألم أقسم عليك لتخبرنى أمحمول على النعش الهمام
(الديوان، وابن عقيل ٣/ ١٠١).
(٦) انظر كلاما فى الصرف على مذهب الكوفيين فى البحر المحيط ٧/ ٥٢١.
(٧) هم نافع وابن عامر وأبو جعفر قرءوا برفع الميم على القطع والاستئناف بجملة فعلية، والباقون بنصبها.
(الإتحاف ٣٨١).