معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٤١
و من قرأ :«وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ» (٨) ففيه وجهان : سئلت : فقيل لها :«بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» (٩) ثم يجوز قتلت. كما جاز فى المسألة الأولى، ويكون سئلت : سئل عنها الذين وأدوها. كأنك قلت :
طلبت منهم، فقيل : أين أولادكم؟ وبأى ذنب قتلتموهم؟ وكل الوجوه حسن بيّن إلّا أن الأكثر (سئلت) فهو أحبّها إلىّ.
وقوله عز وجل : وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠).
شدّدها يحيى بن وثاب، وأصحابه، وخففها آخرون من أهل المدينة «١» وغيرهم. وكلّ صواب، قال اللّه جل وعز «صُحُفاً مُنَشَّرَةً «٢»»، فهذا شاهد لمن شدّد، ومنشورة عربى، والتشديد فيه والتخفيف لكثرته، وأنه جمع كما تقول : مررت بكباش مذبّحة، ومذبوحة، فإذا كان واحدا لم يجز إلا التخفيف، كما تقول : رجل مقتول، ولا تقول : مقتّل.
وقوله جل وعز وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١).
نزعت وطويت، وفى [١٢٩/ ا] قراءة عبد اللّه :«قشطت» بالقاف، وهما لغتان، والعرب تقول :
القافور «٣» والكافور، والقفّ والكفّ - إذا تقارب الحرفان فى المخرج تعاقبا فى اللغات : كما يقال :
جدف وجدث، تعاقبت الفاء الثاء فى كثير من الكلام، كما قيل : الأثافى والأثاثى «٤»، وثوب فرقبى وثرقبى «٥»، ووقعوا فى عاثور شرّ، وعافور شر «٦».
وقوله عز وجل : وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢).
خففها الأعمش وأصحابه، وشددها الآخرون «٧».
وقوله تبارك وتعالى : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) جواب لقوله «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» (١) ولما بعدها، «وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ» (١٣) قربت.

(١) قرأ بالتخفيف جماعة منهم : أبو رجاء وقتادة والحسن والأعرج وشيبة وأبو جعفر ونافع وابن عامر وعاصم (البحر المحيط ٨/ ٤٣٤).
(٢) سورة المدثر : ٥٢.
(٣) ونقدمت قراءة عبد اللّه :«قافورا» فى «كافُوراً». (البحر المحيط ٨/ ٤٣٤).
(٤) الأثافى : جمع أثفية، وهى الحجر الذي توضع عليه القدر.
(٥) الثرقبية والفرقبية : ثياب كتان بيض وقيل : من ثياب مصر، يقال : ثوب ثرقبى وفرقبى.
(٦) العاثور : ما عثر به، وقعوا فى عاثور شر، أي : فى اختلاط من شر وشدة.
(٧) منهم نافع وابن ذكوان وحفص وأبو بكر (الإتحاف : ٤٣٤).


الصفحة التالية
Icon