معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٦٧
و قوله عز وجل : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) يقول : قد أفلحت نفس زكّاها اللّه، وقد خابت نفس دسّاها، ويقال : قد أفلح من زكّى نفسه بالطاعة والصدقة، وقد خاب من دسّى نفسه، فأخملها بترك الصدقة والطاعة، ونرى - واللّه أعلم - أنّ دساها من : دسّست، بدّلت بعض سيناتها ياء، كما قالوا : تظنيت من : الظن، وتقضيت يريدون :
تقضضت من : تقضّض [البازي، ] «١» وخرجت أتلعّى : ألتمس اللّعاع أرعاه. والعرب تبدل فى المشدد الحرف منه بالياء «٢» والواو «٣» من ذلك ما ذكرنا لك، وسمعت بعض بنى عقيل ينشد :
يشبو بها نشجانه [من النشيج «٤»] هذا «٥» آخر بيت، يريد :[يشب ] «٦» : يظهر، يقال : الخمار الأسود [يشب ] «٧» لون [البيضاء] «٨» فجعلها واوا، وقد سمعته فى غير ذلك، ويقال : دويّه وداويّه، ويقال : أما فلان فصالح وأيما، ومن ذلك قولهم : دينار أصله دنّار، يدل على ذلك جمعهم إياه دنانير، ولم يقولوا : ديانير، وديوان كان أصله : دوّان لجمعهم إياه : دواوين [١٣٩/ ب ]، وديباج : ديابيج، وقيراط : قراريط، كأنه كان قرّاط، ونرى أن دسّاها دسسها لأن البخيل يخفى منزله وماله، وأن الآخر يبرز منزله على الأشراف والروابي، لئلا يستتر عن الضيفان، ومن أراده، وكل صواب.
وقوله : بِطَغْواها (١١) أراد بطغيانها إلّا أن الطغوى أشكل برءوس الآيات فاختير لذلك. ألا ترى أنه قال :
«وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ «٩».» ومعناه آخر دعائهم، وكذلك «دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ «١٠»» ودعاؤهم فيها هذا.

(١) سقط فى ش، واللعاع، كغراب : نبت ناعم فى أول ما يبدو. وفى النسخ بالياء والصواب بدون باء.
(٢، ٣) فى ش بالواو ومن.
(٤) سقط فى ش : من النشيج.
(٥) فى ش : وهذا.
(٦، ٨) سقط فى ش.
(٧) فى اللسان : وشب لون المرأة خمار أسود لبسته أي : زاد فى بياضها ولونها فحسّنها لأنّ الضدّ يزيد فى ضده ويبدى ما خفى منه (وانظر ناج العروس).
(٩، ١٠) سورة يونس الآية : ١٠.


الصفحة التالية
Icon