معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٦٩
العدوّ هذا العدوّ فاهربوا، وفيه تحذير، وهذا الليل فارتحلوا، فلو قرأ «١» قارئ بالرفع كان مصيبا أنشدنى بعضهم :
إن قوما منهم عمير وأشباه عمير ومنهم السّفّاح
لجديرون بالوفاء إذا قا ل أخو النجدة : السلاح السلاح «٢»
فرفع، وفيه الأمر بلباس السلاح.
وقوله عز وجل : فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها (١٤).
يقول القائل : كيف كذبوه فعقروها؟ ونرى أن الكلام أن يقال : فعقروها فكذبوه، فيكون التكذيب بعد العقر. وقد يكون على ما ظنّ، لأنك تقول : قتلوا رسولهم فكذبوه، أي : كفى بالقتل تكذيبا، فهذا وجه، ويكون فكذبوه كلمة مكتفى بها، ويكون قوله :
(فعقروها) جوابا لقوله :(إذ انبعث أشقاها)، فعقروها. وكذلك جاء التفسير. ويكون مقدما ومؤخرا لأن العقر وقع بالتكذيب، وإذا وقع الفعلان معا جاز تقديم أيهما شئت. من ذلك :
أعطيت فأحسنت، وإن قلت : أحسنت فأعطيت كان بذلك المعنى لأن الإعطاء هو الإحسان، والإحسان هو الإعطاء، كذلك العقر : هو التكذيب. فقدمت ما شئت وأخرت الآخر.
ويقول القائل : كيف قال : فكذبوه ولم يكذبوه قبل ذلك إذ رضوا بأن يكون للناقة شرب ولهم شرب فجاء فى التفسير : أنهم كانوا أقرّوا بهذا غير مصدقين له :
و قوله عز وجل : فَدَمْدَمَ (١٤).
أرجف بهم. «فَسَوَّاها» (١٤) عليهم.
ويقال : فسوّاها : سوّى الأمة، أنزل العذاب بصغيرها وكبيرها بمعنى سوّى بينهم.
وقوله عز وجل : وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥).
أهل المدينة يقرءون :«فلا يخاف عقباها «٣»» بالفاء، وكذلك هى فى مصاحفهم، وأهل
(٢) ورد البيتان فى الجزء الأول من معانى القرآن ١/ ١٨٨ وفى الخصائص : لابن جنى ٣/ ١٠٢، والدرر اللوامع : ١ : ١٤٦، ولم ينسبا إلى قائلهما.
(٣) سقط فى ش.