معاني القرآن، ج ٣، ص : ٣٠
نصب الألف من «أشهدوا» عاصم، والأعمش، ورفعها أهل الحجاز على تأويل : أشهدوا خلقهم لأنه لم يسم فاعله، والمعنى واحد. قرءوا بغير همز يريدون الاستفهام «١» قال أبو عبد اللّه : كذا قال الفراء.
وقوله : بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ (٢٢).
قرأها القراء بضم الألف من «أمّة»، وكسرها مجاهد، وعمر بن عبد العزيز «٢»، وكأن الإمّة مثل السنة والملة، وكأن الإمّة الطريقة : والمصدر من أممت القوم، فإن العرب تقول : ما أحسن إمته وعمّته وجلسته إذا كان مصدرا، والإمة أيضا الملك والنعيم. قال عدى :
ثم بعد الفلاح والملك والإمّة وارثهم هناك القبور «٣»
فكأنه أراد إمامة الملك ونعيمه.
وقوله : وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) ومُقْتَدُونَ (٢٣).
رفعتا ولو كانتا نصبا لجاز ذلك لأنّ الوقوف يحسن دونهما، فتقول للرجل : قدمت ونحن بالأثر متبعين ومتبعون.
وقوله : إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦).
العرب تقول : نحن منك البراء والخلا، والواحد والاثنان والجميع من المؤنث والمذكر يقال فيه :
براء لأنه مصدر، ولو قال :(برى ء) لقيل فى الاثنين : بريئان، وفى القوم : بريئون وبرءاء، وهى فى قراءة عبد اللّه :«إنّنى برى ممّا تعبدون» «٤» ولو قرأها قارئ كان صوابا موافقا لقراءتنا «٥» لأن العرب تكتب : يستهزىء يستهزأ فيجعلون الهمزة مكتوبة بالألف فى كل حالاتها. يكتبون شىء شيأ ومثله كثير فى مصاحف عبد اللّه، وفى مصحفنا : ويهيىء لكم، ويهيأ بالألف.

(١) جاء فى المحتسب ٢/ ٢٥٤ : أشهدوا بغير استفهام قراءة الزهري. وانظر بقية كلامه هناك.
(٢) قرأ الجمهور «أمة» بضم الهمزة وقرأ عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة والجحدري بكسر الهمزة وهى.
الطريقة الحسنة لغة فى الأمة بالضم، قاله الجوهري.
وقرأ ابن عباس أمة بفتح الهمزة أي على قصد وحال (البحر المحيط ٨/ ١١). [.....]
(٣) انظر الأغانى ٢/ ٩٧ واللسان ١٢/ ٢٣ مادة أمم.
(٤) برىء بكسر الراء بعدها ياء فهمزة لغة نجد، ويثنى ويجمع، ويؤنث، والجمهور : إننى براء (الإتحاف ٣٨٥)، وهى لغة العالية (البحر المحيط ٨ - ١١).
(٥) فى ب، ح، ش ولو قرأها قارئ لكان موافقا لقراءتنا.


الصفحة التالية
Icon