معاني القرآن، ج ٣، ص : ٥١
بقتالهم، فقال النبي صلّى اللّه عليه : أنى قد رأيت فى منامى أنى أهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فاستبشروا بذلك، ثم إنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك فقالوا للنبى صلّى اللّه عليه :
ما نرى تأويل ما قلت، وقد اشتد علينا الأذى؟ فأنزل اللّه عز وجل :«قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ» أخرج إلى الموضع الذي أريته فى منامى أم لا؟ ثم قال لهم : إنما هو شىء أريته فى منامى، وما أتبع إلا ما يوحى إلىّ. يقول : لم يوح إلىّ ما أخبرتكم به، ولو كان وحيا لم يقل صلّى اللّه عليه :«وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ».
وقوله : وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ (١٠).
شهد رجل من اليهود على مثل ما شهد عليه عبد اللّه بن سلام [١٧٥/ ب ] من التصديق «١» بالنبي صلى اللّه عليه وأنه موصوف فى التوراة، فآمن ذلك الرجل واستكبرتم.
وقوله : وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ (١١).
لمّا أسلمت : مزينة، وجهينة، وأسلم، وغفار، قالت بنو عامر بن صعصعة وغطفان، وأشجع وأسد : لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه رعاة البهم. «٢»، فهذا تأويل قوله :«لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ».
وقوله : وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا (١٢).
وفى قراءة عبد اللّه : مصدق لما بين يديه لسانا عربيا، فنصبه فى قراءتنا على تأويل قراءة عبد اللّه، أي هذا القرآن يصدق التوراة عربيا مبينا، وهى فى قراءة عبد اللّه يكون [نصبا] «٣» من مصدق. على ما فسرت لك، ويكون قطعا من الهاء فى بين يديه.
وقوله عز وجل : لتنذر الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢).
البشرى : تكون رفعا ونصبا، الرفع على : وهذا كتاب مصدق وبشرى، والنصب على «٤» لتنذر الذين ظلموا وتبشر، فإذا أسقطت تبشر، ووضعت فى موضعه بشرى أو بشارة نصبت،

(١) في ب، ح، ش للتصديق، وعبارة الأصول أقوم.
(٢) فى (ا) ما سبقونا إليه رعاة إليهم، وإليهم تحريف، وفى ش ما سبقونا إليه رعاة البهم، والتصويب عن ب والبهم :
أولاد الضأن والمعز والبقر، جمع بهمة بفتح وسكون.
(٣) زيادة من ب، ح، وفى ش يكون منصوبا.
(٤) سقط فى (ا) لفظ على.


الصفحة التالية
Icon