معاني القرآن، ج ٣، ص : ٥٢
و مثله فى الكلام : أعوذ باللّه منك، وسقيا لفلان، كأنه قال : وسقى اللّه فلانا، وجئت لأكرمك وزيارة لك وقضاء لحقك، معناه : لأزورك وأقضى حقك، فنصبت الزيارة والقضاء بفعل مضمر.
وقوله : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً (١٥).
قرأها أهل الكوفة بالألف، وكذلك هى فى مصاحفهم، وأهل المدينة وأهل البصرة يقرءون :
(حسنا) «١» وكذلك هى فى مصاحفهم، ومعناهما واحد واللّه أعلم.
وقوله : حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (١٥).
وفى قراءة عبد اللّه : حتّى إذا استوى وبلغ أشده «٢» وبلغ أربعين سنة، والمعنى فيه، كالمعنى فى قراءتنا لأنه جائز فى العربية أن تقول : لمّا ولد لك وأدركت مدرك الرجال عققت وفعلت، والإدراك قبل الولادة، ويقال : إن الأشدها هنا هو الأربعون «٣».
وسمعت بعض المشيخة يذكر بإسناد له فى الأشد : ثلاث وثلاثون، وفى الاستواء : أربعون.
وسمعت أن الأشد فى غير هذا الموضع : ثمانى عشرة. والأول أشبه بالصواب لأن الأربعين أقرب فى النسق إلى ثلاث وثلاثين ومنها إلى ثمانى عشرة ألا ترى أنك تقول : أخذت عامة المال أو كلّه، فيكون أحسن من أن تقول : أخذت «٤» أقلّ المال أو كلّه. ومثله قوله :«إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ» «٥»، فبعض ذا قريب من بعض، فهذا سبيل كلام العرب [١٧٦/ ا]، والثاني يعنى ثمانى عشرة، [و] «٦» لو ضم إلى الأربعين كان وجها.
وقوله : أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ (١٥).
نزلت هذه الآية : فى أبى بكر الصديق رحمه اللّه.

(١) جاء فى الاتحاف (٣٩١) : واختلف فى حسنا، فعاصم وحمزة والكسائي وخلف : إحسانا، وافقهم الأعمش، والباقون بضم الحاء وسكون السين بلا همز ولا ألف (وانظر الطبري ٢٦/ ١٠). [.....]
(٢) بلغ الرجل أشده إذا اكتهل (ابن سيده) ونقله اللسان.
(٣) وقال الزجاج هو من نحو سبع عشرة إلى الأربعين، وقال مرة هو ما بين الثلاثين والأربعين (اللسان :
شدد).
(٤) فى ش أخذ.
(٥) سورة المزمل الآية ٢٠.
(٦) فى ب : لو، سقط.


الصفحة التالية
Icon