معاني القرآن، ج ٣، ص : ٨
عن الضحاك بن مزاحم أنه قال : تنزل «١» الملائكة من السموات، فتحيط بأقطار الأرض، ويجاء بجهنم، فإذا رأوها هالتهم، فندّوا فى الأرض كما تند الإبل، فلا يتوجهون قطرا إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا، وذلك قوله :«يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا «٢» مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» «٣» وذلك قوله :«وَ جاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَجِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ» «٤» وذلك قوله :«وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا» «٥». قال الأجلح، وقرأها الضحاك :«التنادّ» مشددة الدال «٦». قال حبان : وكذلك فسّرها الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس.
قال الفراء : ومن قرأها «التناد» [خفيفة] «٧» أراد يوم يدعو أهل الجنة أهل النار، وأهل النار أهل الجنة «٨»، وأصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم.
وقوله : كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ (٣٥).
أي : كبر ذلك الجدال مقتا، ومثله :«كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ» «٩» أضمرت فى كبرت قولهم :«اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً» ومن رفع الكلمة لم يضمر، وقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة «١٠» «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ».
وقوله : عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥).
يضيف القلب إلى المتكبر، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار، وهى فى قراءة عبد اللّه
(٢) فى ب تنفدوا وهو تصحيف.
(٣) سورة الرحمن الآية ٣٣.
(٤) سورة الفجر الآيتان ٢٢، ٢٣.
(٥) سورة الفرقان الآية ٢٥.
(٦) وهى قراءة ابن عباس، وأبى صالح، والكلبي، والزعفراني، وابن مقسم (انظر المحتسب ٢/ ٢٤٣).
(والبحر المحيط ٧/ ٤٦٤).
(٧) زيادة من ب.
(٨) فى (ب) يدعو أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار.
(٩) سورة الكهف آية ٥.
(١٠) فى الإتحاف : ٢٨٨ : قرأ ابن محيصن والحسن :«كبرت كلمة» بالرفع على الفاعلية.