وهناك قسم آخر من الحذف يؤدي إلى التوسع في المعنى وهذا يحتمل عدة تقديرات ٢ أو ٣ أو ٤ أو ٥ تقديرات قد يكون بعضها مراد وقد تكون كلها مرادة بقدر ما يحتمل السياق. وعلى سبيل المثال قوله تعالى (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿٤٤﴾ ) قال تعالى على لسان أصحاب الجنة (ما وعدنا ربنا) بالتخصيص لهم ولم يقل (ما وعدكم ربكم) مع أصحاب النار وذلك لأن الكافرين لا ينكرون فقط ما وعدهم ربهم لكنهم ينكرون ما وعدهم وما وعد غيرهم وكل ما يتعلق بالبعث والحساب والقيامة فهم ينكرون ما يتعلق بهم وبغيرهم فالسؤال لم يكن عن ما وعدهم ربهم فقط ولكن السؤال عن الوعد بصورته العامة لذا قال تعالى (ما وعد ربكم) ولو قال ما وعدكم لكان جزءاً من المعنى المُراد وليس كله فأهل قريش كانوا يؤمنون بالله لكنهم ينكرون الساعة والبعث. إذن الحذف هنا أدى إلى توسع في المعنى لأنه شمل ما وعدهم ووعد غيرهم والوعد العام بالحساب والبعث.
مثال آخر قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) (ما) تحتمل أمرين تحتمل أن تكون مصدرية بمعنى فاصدع بأمرنا وتحتمل أن تكون اسم موصول فلو قال تعالى (فاصدع بما تؤمر به) لكان اسماً موصولاً قطعاً. فما المقصود؟ تحتمل أن تكون فاصدع بأمرنا وتحتمل أنو تكون فاصدع بالذي تؤمر به والأمران مرادان في الآية أن يصدع بأمره ويصدع بما أمره به ولو ذكر أحد الأمرين لتحدد المعنى بشيء واحد أو بقسم من المعنى، وهذا الحذف هنا يدل على التوسع في المعنى.


الصفحة التالية
Icon