تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٠٣
اتّباع جميع أحكام الدّين
الإسلام وأحكامه دين اللّه وشرعه الذي لا يتجزّأ ولا يختلط بغيره، فهو بمثابة المظلة الواقية من الضلال والانحراف والشّر والسوء، والعاصم من كل أذى وضرر، فمن كان مسلما بحق اتّبع جميع أحكام الدين، والتزم كل ما شرعه القرآن الكريم، فأحلّ حلاله، وحرّم حرامه.
لذا أمر اللّه المسلمين وغيرهم أن يستسلموا لله تعالى ويطيعوه في الظاهر والباطن، وأن يدخلوا في الإسلام كله، ولا يخلطوا به غيره. قال اللّه تعالى :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٠٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨)
«١» «٢» [البقرة : ٢/ ٢٠٨].
والمراد بالسّلم في الآية : الإسلام، فعلى من آمن بالإسلام دينا العمل بجميع فروعه وأحكامه، فلا يؤمن من يعمل ببعض أحكامه كالصلاة والصيام مثلا، ويترك بعض الأحكام الأخرى كالزكاة والجهاد والحكم بكتاب اللّه وحدوده، وترك الحرام كله ومنع الخمر والرّبا والزّنا والرشوة والظلم.
قال ابن عباس : نزلت هذه في عبد اللّه بن سلام وأصحابه، وذلك أنهم حين آمنوا بالنّبي صلّى اللّه عليه وسلم، آمنوا بشرائعه وشرائع موسى، فعظّموا السبت، وكرهوا لحوم الإبل (الجمال) وألبانها بعد ما أسلموا، فأنكر ذلك عليهم المسلمون، فقالوا : إنا نقوى على هذا وهذا، وقالوا للنّبي صلّى اللّه عليه وسلم :
إن التوراة كتاب اللّه، فدعنا فلنعمل بها، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً...
ثم هدّد اللّه تعالى في الآيات التالية بالانتقام من المائلين عن الحق، المبتعدين عن

(١) الإسلام وشرائعه كلها.
(٢) طرقه وآثاره.


الصفحة التالية
Icon