تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨
«١» [البقرة : ٢/ ٢٣- ٢٤].
فائدة ضرب الأمثال للناس
يحرص القرآن الكريم على توضيح المعاني الدينية وأصول الإيمان بإيراد الأمثال والتشبيهات بالأمور المادية المحسوسة، لترسيخ المعاني في الأذهان، فإن كان المضروب له المثل عظيما كالحق والإسلام ضرب مثله بالنور والضياء، وإن كان ضعيفا حقيرا كالأصنام، ضرب مثله بما يشبهه كالذباب والبعوض والعنكبوت، فيكون المثل لكشف المعنى وتوضيحه بما هو معروف مشاهد لا سبيل إلى إنكاره.
فأما المؤمنون الذين في قلوبهم نور، فيهديهم اللّه إلى التصديق بأن هذا كلام اللّه، ويكون جزاؤهم جنان الخلد، والاستمتاع بنعيمها، ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين، و
فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،
فيها أنهار جارية تحت الأشجار، وفيها الثمار اليانعة الشهية مما لم يروه في الدنيا أبدا، وإن كان متشابها ليأنسوا به ويأكلوه، وفي الجنة حور عين، مقصورات في الخيام، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جانّ، مطهرات من كل دنس ورجس كالحيض والنفاس وشرور النفس والهوى، قال اللّه تعالى :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥]
وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)
[البقرة : ٢/ ٢٥].