تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨٠
الدعاء مستجابا، ورحمة اللّه شاملة للتائبين من العصيان.
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم :«ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول : من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر» «١»
الشهادة بوجود اللّه ووحدانيته وبأحقية دينه
قامت الأدلة الكثيرة والبراهين القطعية من خلق الكون وتدبيره على وجود اللّه وتوحيده، وشهدت العوالم المخلوقة شهادة إقرار وعلم ويقين وإظهار وبيان أن اللّه تعالى واحد لا شريك له، وأنه قائم موجود بالعدل والحق في كل شي ء، في الدين والشريعة والكون والطبيعة، وفي العبادات والمعاملات والآداب، أتقن اللّه نظام الكون وأحكمه، وعدل بين القوى الروحية والمادية، وكانت الأحكام الشرعية مبنية على أساس التوازن الدقيق بين الفرد والأمة، وبين الفرد والخالق، وبينه وبين نفسه، وبينه وبين أخيه، وبين الأغنياء والفقراء، وبين الدنيا والآخرة، والعقيدة والعمل، قال اللّه تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٨]
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)
«٢»
[آل عمران : ٣/ ١٨].
قال الكلبي مبينا سبب نزول هذه الآية : لما ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة، قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام، فلما أبصرا المدينة، قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان. فلما دخلا على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له : أنت محمد؟ قال : نعم، قالا : وأنت أحمد؟
قال : نعم. قالا : إنا نسألك عن شهادة، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدّقناك.
(٢) بالعدل. [.....]