تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨١
فقال لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : سلاني، فقالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب اللّه.
فأنزل اللّه تعالى على نبيه : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ فأسلم الرجلان، وصدّقا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.
وبما أن اللّه يحب عباده، ويرغب لهم بالخير، أورد عقب الآية السابقة ما ارتضاه وأحبه لعباده منذ أن خلق الخلق وإلى يوم القيامة وهو الإسلام، أي الخضوع والانقياد لله والإيمان به والطاعة، ولا خلاف بين جميع الأنبياء والمرسلين في جوهر الدين وهو الإسلام والسلام والإخاء والمحبة، والتوحيد والعدل في كل شي ء، ولم يقع الخلاف بين أهل الكتاب وأتباع الأديان إلا بسبب الحسد والبغي أو الظلم والحفاظ على المراكز القائمة والمصالح المادية، والحرص على الدنيا وما فيها، فمن يكفر بآيات اللّه الدالة على وجوده وتوحيده وصدق أنبيائه، فإنه ظلم نفسه، واللّه مجازيه وهو سريع الحساب وشديد العقاب.
وإن حدث جدال بين النبي أو أتباعه وبين أهل الأديان الأخرى، فليقل المؤمن :
قد أسلمت وجهي للّه وانقدت له وأقبلت عليه بعبادتي مخلصا لله وحده، معرضا عما سواه، فإنه أسلم هؤلاء المعارضون لهدي اللّه وقرآنه، فقد اهتدوا إلى الطريق المستقيم، وإن تولوا وأعرضوا فما على الداعية أو الرسول إلا الإبلاغ فقط، واللّه بصير بخلقه، عليم بحالهم، فيحاسبهم ويجازيهم، قال اللّه تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٢٠)
«١»
«٢»
«٣»
«٤»
(٢) حسدا.
(٣) أخلصت نفسي وعبادتي لله.
(٤) مشركي العرب.