تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨٣
إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار، في ساعة واحدة، فقام مائة وسبعون رجلا من بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف، ونهوهم عن المنكر، فقتلوهم جميعا من آخر النهار، من ذلك اليوم، فهم الذين ذكر اللّه عز وجل».
ثم أبان اللّه تعالى في قرآنه حكم المعرضين عن بيان اللّه وهديه، والمعرضين عن القرآن وإرشاده، فقال اللّه تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥)
«١»
«٢»
«٣»
[آل عمران : ٣/ ٢٣- ٢٥].
قال ابن عباس : نزلت هذه الآية بسبب أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل بيت المدارس «٤»
على جماعة من يهود، فدعاهم إلى اللّه، فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد من يهود بني قينقاع : على أي دين أنت يا محمد؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : أنا على ملة إبراهيم، فقالا : فإن إبراهيم كان يهوديا، فقال لهما النبي عليه السلام :«فهلموا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم» فأبيا عليه، فنزلت هذه الآية : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ.
إن هؤلاء المعادين يترددون في قبول حكم اللّه، ثم يعرضون عن قبول كتاب اللّه، وشأنهم دائما الإعراض والعناد، وما شجعهم على هذا العناد والجحود إلا اعتقادهم الباطل أنهم لا تصيبهم النار إلا أياما قليلة، ثم يدخلون الجنة في زعمهم، وهذا مجرد وهم وافتراء، فلقد غرهم ما كانوا يختلقون في الدين، كقولهم : إن الأنبياء ستشفع
(٢) خدعهم وأطمعهم في غير مطمع.
(٣) أي يختلقون ويكذبون على اللّه.
(٤) المدارس :
الموضع الذي يدرس فيه كتاب اللّه.