تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨٤
لنا، ونحن أولاد الأنبياء، وأحباء اللّه، وشعب اللّه المختار، وستتبدد كل هذه الدعاوي إذا جمعهم اللّه يوم القيامة الذي لا شك فيه، وتوفى كل نفس ما كسبت من خير أو شر، وهم لا يظلمون.
من أدلة قدرة اللّه تعالى
كان المشركون ينكرون النبوة لشخص بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، وأنكر أهل الكتاب النبوة في غير بني إسرائيل، وتعجب المنافقون واليهود من بشائر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأمته،
روى الواحدي عن ابن عباس وأنس بن مالك قالا : لما افتتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكة، ووعد أمته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود : هيهات هيهات، من أين لمحمد ملك فارس والروم؟ هم أعز وأمنع من ذلك «١»، ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧)
«٢» «٣» [آل عمران : ٣/ ٢٦- ٢٧].
قال قتادة : ذكر لنا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته، فأنزل اللّه تعالى : قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ.. الآية.
هذه بعض الأدلة على قدرة اللّه تعالى وعظمته، فهو مالك الملك، وهو المعطي والمانع، يؤتي الملك والنبوة من يشاء من عباده كآل إبراهيم، قال اللّه تعالى : فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً [النساء : ٤/ ٥٤].

(١) أي هم أشد وأقوى من ذلك.
(٢) تدخل.
(٣) بلا نهاية في العطاء.


الصفحة التالية
Icon