تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ١٨٨
الطاعة والولاء أساس المحبة
يزعم بعض الناس أنهم يحبون اللّه ورسوله، ولكنهم لا يتبّعون شيئا من أوامر اللّه ورسوله، ولا يلتزمون جادة الطاعة، وتراهم في واد وأحكام الشرع في واد آخر، ومثل هذا الموقف لون من ألوان التناقض الذي لا يقره شرع ولا عقل، ونوع من أنواع الازدواجية الممقوتة التي يلبس فيها الإنسان لباسين ويتحلى بحلتين.
فمن أهم ركائز المحبة إظهار الطاعة، والانقياد للأوامر الإلهية، لذا قال الإمام الشافعي :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كنت تظهر حبه لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
و تكررت أوامر القرآن الكريم بالطاعة، فقال اللّه سبحانه : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) [الأنفال : ٨/ ٢٠]. ووبّخ أولئك الذين يدّعون محبة اللّه ورسوله، ويعصون أوامرهما، فقال سبحانه :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣١ الى ٣٢]
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢)
[آل عمران : ٣/ ٣١- ٣٢].
ذكر العلماء عدة أسباب متشابهة لنزول هذه الآية، ولا مانع من تكرار الأسباب، واتحاد الجواب،
قال الحسن البصري وابن جريح، زعم أقوام على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنهم يحبون اللّه، فقالوا : يا محمد، إنا نحب ربنا، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
قال ابن عباس : وقف النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على قريش، وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم، وعلّقوا عليها بيض النّعام، وجعلوا في آذانها الشنوف «١»، وهم يسجدون