تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢١٩
الأعداء؟ وإذا اختلفوا فلم لا يبادرون إلى إزالة سبب الخلاف، ورأب الصدع وتناسي الماضي، حتى يحققوا لأنفسهم العزة والكرامة ومهابة الأعداء؟!
موقف أهل الكتاب من الإسلام وتحذير المسلمين من إطاعتهم
و بخّ اللّه تعالى في القرآن الكريم أهل الكتاب على عدم الإيمان برسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، بعد أن قامت العلامات الظاهرة والمعجزات الباهرة والأدلة القاطعة على صدق نبوته، وهم مع هذا الموقف يحاولون صدّ الناس عن الإسلام والإيمان بالقرآن.
قال اللّه تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٩٨ الى ٩٩]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (٩٨) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)
«١» [آل عمران : ٣/ ٩٨- ٩٩].
ومطلع الآية عتاب رقيق، ودعوة رشيدة للإيمان بالقرآن، فيا أهل الكتاب لم تكفرون بدلائل اللّه الظاهرة على يدي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم؟! هاتوا برهانكم على صحة ما تسيرون عليه، وإذا لم يكن عندكم برهان ولا دليل مقبول عقلا ودينا، فاعلموا أن اللّه شهيد عليكم، عالم مطّلع عليكم، وسيجازيكم على ما تعملون. يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل اللّه من آمن بمحمد؟ قاصدين بصدكم أن تكون سبيل اللّه معوجة، غير مستقيمة ولا رشيدة، تطلبون لدين اللّه الاعوجاج والانحراف عن الحق والقصد الصحيح، والحال أنكم تشهدون في أعماق نفوسكم بصدق محمد، وأنتم الشهود العدول عند قومكم، وما اللّه بغافل عن خبايا نفوسكم وأعمالكم وسيجازيكم عليها.