تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٥٤
خصلة الرحمة في قلبه، ومشاورة أصحابه، ومحبته الخير لهم بالدعاء والاستغفار لهم والعفو عنهم، والتوكل على اللّه وطلب المعونة والنصر منه سبحانه وتعالى.
قال اللّه تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٥٩ الى ١٦٠]
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)
«١»»
«٣» «٤» [آل عمران : ٣/ ١٥٩- ١٦٠].
اشتملت هذه الآيات على مقومات نجاح الدعوة النبوية وأصول الحكم الإسلامي ومنهج التعامل مع الناس. وأول هذه المقومات : إلانة قلب النبي ورحمته الشاملة بالناس، فالله تعالى جعل نبيه سهل المعاملة، ليّن الكلام والإرشاد، شديد العطف، إذ لو كان شديد النفس غليظ القلب، لانفض الناس من حوله، ولكن اللّه جعله رحمة مهداة للعالمين : وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧) [الأنبياء : ٢١/ ١٠٧].
وجعله المثل الأعلى الكامل في الخلق والمعاملة، حتى امتدحه ربه بقوله : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) [القلم : ٦٨/ ٤].
ومن هذه المقومات التي أمر اللّه بها نبيه : أن يعفو ويصفح عن أخطاء قومه، فلا يجازيهم على معاملتهم السيئة له، وإنما يقابل الإساءة بالإحسان، ويستغفر اللّه لهم فيما وقعوا به من تبعات وأخطاء.
ومن مقومات الإسلام ودعوته : الشورى، فهي من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، وقد مدح اللّه المؤمنين بقوله : وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ [الشورى : ٤٢/ ٣٨].

(١) لا ينتهم بخلق سمح.
(٢) جافيا في المعاشرة.
(٣) لتفرقوا.
(٤) فلا قاهر لكم.


الصفحة التالية
Icon