تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٥٥
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار» «١».
قال عليه السلام :«المستشار مؤتمن» «٢».
والاستشارة مطلوبة في جميع شؤون الدنيا والدين، أما أمور الدين فالقرآن هو الحكم فيها، وأما أمور الدنيا فالعقل والتجربة والحنكة والود أساسها.
ومن مقومات العقيدة الإسلامية : التوكل على اللّه، وتفويض الأمر والشأن له، ولكن بشرط اتخاذ الأسباب، واقتران التوكل بالجد في الطاعة، والعمل والحزم وبذل الجهد بحسب مقتضى الحكمة وواقع الأمور.
ثم نبّه اللّه المؤمنين إلى عقيدة النصر بقوله : إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ أي الزموا الأمور التي أمركم بها ووعدكم النصر معها، فما النصر إلا من عند اللّه العزيز الحكيم، لأن جميع ما في الكون بتدبيره ومشيئته، وإذا خذل اللّه قوما بأن تركهم وتخلى عنهم في مواطن الحاجة والشدة، فلن يجدوا ناصرا لهم من بعده، لذا وجب عليهم أن يتوكلوا على اللّه وحده بعد اتخاذ الأسباب، لأنه لا ناصر لهم سواه، ولا معين لهم غيره، ونصر اللّه مرهون بشرط نصرة دين اللّه، لقوله تعالى :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) [محمد : ٤٧/ ٧].
إن هذه القيم الخلقية القرآنية- النبوية تعد اللبنة الأولى لبناء الأمجاد والحفاظ على حرمة الديار والبلاد، وإن تخلق النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بأخلاق القرآن يعد دليلا حسيا وترجمة عملية للالتزام بالأخلاق القائمة على حماية الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة والمساواة.
(٢) أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة، والترمذي عن أم سلمة، وابن ماجه عن ابن مسعود. [.....]