تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٨٤
في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرّج بينهما». و
روى النسائي بإسناد جيد أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«اللهم إني أحرّج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة»
روى البخاري أيضا حديثا آخر :«هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم».
هذه وصايا نبوية كريمة في الإشراف على نفس اليتيم والعناية بشخصيته وتربيته، وجاء النص القرآني لبيان ضرورة الإشراف على شؤون اليتيم فيما هو أخطر وأهم وهو الأمور المالية، فيجب على ولي اليتيم حفظ مال اليتيم وتنميته واستثماره ورعايته والبعد عن أكل مال الأيتام أو إهمال المحافظة عليها، فقال اللّه تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «١» (١٠) [النساء : ٤/ ١٠].
وأوجب القرآن الكريم- كما تقدم بيانه- وإيتاء اليتامى أموالهم عند بلوغهم الرشد، من غير تلكؤ ولا إهمال، فقال اللّه سبحانه :
[سورة النساء (٤) : آية ٢]
وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢)
«٢» [النساء : ٤/ ٢].
نزلت هذه الآية في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم طلب المال، فمنعه عمه، فترافعا إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية، فلما سمعها العم قال : أطعنا اللّه وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، أي الإثم العظيم، فدفع إليه ماله، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : من يوق شح نفسه،
و رجع به هكذا، فإنه يحلّ داره، يعني جنته. فالآية إذن خطاب لأوصياء الأيتام.
وقال ابن زيد : هذه الآية والمخاطبة هي لمن كانت عادته من العرب ألا يورّث الصغير من الأولاد مع الكبير، فقيل لهم : ورّثوهم أموالهم، ولا تتركوا أيها الكبار حظوظكم حلالا طيبا، وتأخذوا الكل ظلما حراما خبيثا، فيجي ء فعلكم ذلك تبديلا.

(١) أي جهنم.
(٢) أي إثما وذنبا عظيما.


الصفحة التالية
Icon