تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٩٤
فريضة من اللّه، إنه كان عليما بأحوال الناس، حكيما فيما يشرع لهم، يضع الأمور في موضعها الصحيح المناسب، قال اللّه تعالى : آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً. [النساء : ٤/ ١١].
والقيد الثاني والضابط الآخر لقواعد الإرث : هو ترك الإضرار في الوصية، فلا يجوز للموصي الإيصاء بأكثر من الثلث :«الثلث والثلث كثير» كما صح في الحديث.
ولا الوصية لوارث
لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث المتواتر :«إن اللّه أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث».
ولا يجوز الإيصاء بمعصية، ولا يحل للإنسان إضرار الورثة بأن يقر بدين غير ثابت لم يقبضه من الدائن أو يكون الدين المقرّ به مستغرقا المال كله، ولا تجوز الوصية بالثلث فرارا من وارث محتاج، ولا يصح حرمان الوارث من حقه في الميراث، وهكذا فوجوه الإضرار كثيرة،
قال النبي فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة :«من ضارّ في وصية ألقاه اللّه تعالى في واد في جهنم».
قال أيضا فيما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في التفسير عن ابن عباس :«الضرار في الوصية من الكبائر».
ويجمع كل أوجه الضرر في الوصية والدين قول اللّه تعالى : مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ [النساء : ٤/ ١٢].
الضابط العام الثالث لنظام الإرث الشرعي : التزام أحكام اللّه كما شرع، لأن التزامها مانع من الوقوع في المعصية، وطاعة اللّه ورسوله موجبة لدخول الجنة، ومعصية اللّه ورسوله وتعدي حدوده ومحارمه مقتض لدخول نار جهنم والتعرض للعذاب المهين المذل. قال اللّه تعالى :
[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣ الى ١٤]
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)
«١»