تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣١٢
ثم أورد اللّه تعالى آية أخرى عقب ذلك فقال :
[سورة النساء (٤) : آية ٣١]
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)
«١» [النساء : ٤/ ٣١].
والمعنى : إن تتركوا أيها الناس المعاصي الكبائر، يغفر اللّه لكم الذنوب الصغائر، ويدخلكم مكانا طيبا مكرما وهو الجنة. والكبائر : هي كل معصية اقترنت بالوعيد الشديد، أو أوجب الشرع عليها حدا من الحدود المقدرة في الكتاب والسنة، و
في حديث الصحيحين عن أبي هريرة تعداد الكبائر، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله، وقتل النفس التي حرّم اللّه إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
ولا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، والذنوب الصغائر : هي التي لم تقترن بوعيد شديد أو بحدّ مقدر، كالنظر إلى امرأة أجنبية غير محرم، والقبلة.
واجتناب الكبائر يكفّر الصغائر إذا تم ذلك بالقدرة والاختيار لا بالإكراه، وكان الممتنع عن الكبيرة يؤدي الفرائض من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها.
الحث على العمل وإعطاء الحقوق لمستحقيها
اعتنى الإسلام الحنيف بتطهير الظاهر والباطن لكل إنسان، فكما أن اللّه حرم أكل أموال الناس بالباطل وقتل النفس، وذلك من الأفعال الظاهرة لتطهير الظاهر والمحسوسات، كذلك حرم ما تنطوي عليه النفوس من أمراض فتاكة ضارة كالحسد والحقد والبغضاء، وتمني أخذ ما لدى الآخرين من نعم وثروات، وما فضل اللّه به بعض الناس على بعض من الجاه والمال.

(١) مكانا حسنا، وهو الجنة.


الصفحة التالية
Icon